للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين فراشين، فوقّع اسمي فيه وناولنيه، ثم دعا الربيع فقال: يا ربيع إنّا قد ضممنا معنا إلى صاحب اليمن فأزح علّته في ما يحتاج إليه من السلاح والكراع، ولا يمس إلّا وهو راحل [١] . قال: ثم ودّعني فودعته وخرجت إلى الدهليز. فلقيني أبو الوالي فقال: يا معن أعزز عليّ بأن تضمّ إلى ابن أخيك.

قال فقلت: إنه لا غضاضة على الرجل بأن يضمّه سلطانه إلى ابن أخيه.

وخرجت إلى اليمن فأتيت الرجل فأخذته أسيرا، وقرأت عليه العهد، وقعدت في مجلسه.

«٩٣٨» - استأذن زياد معاوية في الحجّ فأذن له، وبلغ ذلك أبا بكرة، وكان أخاه من أمّه، أمّهما سميّة، وكان حلف أن لا يكلّم زيادا حيث رجع عن الشهادة على المغيرة، وأن لا يظلّه وإياه سقف بيت أبدا. فدخل أبو بكرة دار الإمارة على زياد، فأمر زياد بكرسيين فوضعا في صحن القصر ليمينه، فجلس أبو بكرة على أحدهما وزياد على الآخر، ومع زياد بنيّ له حيث مشى. فقال أبو بكرة لابنه:

تعال يا ابن أخي، فجاء الصبيّ فجلس في حجره، فقال له: كيف أنت؟ كيف أهلك؟ اسمع منّي يا ابن أخي، وإنما يريد أن يسمع زيادا: إنّ أباك هذا أحمق، فجر في الإسلام ثلاث فجرات ما سمعنا بمثلهنّ. أما أوّلهنّ فجحوده الشهادة على المغيرة، والله يعلم أنه قد رأى ما قد رأينا فكتم، وقد قال الله تعالى (وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ)

(البقرة: ٢٨٣) فحلفت ألّا أكلمه أبدا؛ وأما الأخرى فانتفاوه من عبيد وادعاوه إلى أبي سفيان، وأقسم لك يا ابن أخي صادقا ما رأى أبو سفيان سمية قطّ في ليل ولا نهار، ولا جاهلية ولا إسلام؛ وأما الثالثة فأعظمهنّ: إنّه يريد أن يوافي العام الموسم، وأمّ حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي صلّى الله عليه وسلم تأتي الموسم كلّ


[١] ولا ... راحل: سقط من ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>