للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيا إذا نبت السيوف مضى ... قدما [١] بها فسقى [٢] مضاربها

٩٣٧- قال معن بن زائدة: كنا في الصحابة سبعمائة رجل، فكنّا ندخل على المنصور في كلّ يوم، فقلت للربيع: اجعلني في آخر من يدخل عليه، فقال لي: لست بأشرفهم فتكون في أوّلهم ولست بأخسّهم نسبا فتكون في آخرهم، وإنّ مرتبتك لتشبه نسبك. فدخلت على المنصور ذات يوم وعليّ درّاعة فضفاضة وسيف حتفيّ [٣] أقرع بنعله الأرض، وعمامة قد سدلتها [٤] من قدّامي ومن خلفي، فسلّمت عليه وخرجت، فلما صرت عند الستر صاح بي: يا معن، صيحة أنكرتها فلبّيتها [٥] ، فقال: إليّ، فدنوت منه فإذا به قد نزل عن فرشه إلى الأرض، وجثا على ركبتيه، واستلّ عمودا من بين فراشين، واستحال لونه، ودرّت أوداجه وقال: إنك لصاحبي يوم واسط لا نجوت إن نجوت منّي. قال، قلت: يا أمير المؤمنين، تلك نصرتي لباطلهم فكيف نصرتي لحقّك؟ فقال: كيف قلت؟ فأعدت عليه القول، فما زال يستعيدني حتى ردّ العمود إلى مستقرّه واستوى متربّعا وأسفر لونه وقال: يا معن إنّ باليمن هنات، قلت: يا أمير المؤمنين ليس لمكتوم رأي، وهو أول من أرسلها مثلا، فقال: أنت صاحبي فاجلس، قال: فجلست، وأمر الربيع فأخرج كلّ من كان في الدار، وخرج الربيع. فقال لي: إنّ صاحب اليمن قد همّ بالمعصية، وأريد أن آخذه أسيرا، ولا يفوتني شيء من ماله. قال، قلت:

ولّني اليمن وأظهر أنّك قد ضممتني إليه، ومر الربيع أن يزيح علّتي في كلّ ما أحتاج إليه، ويخرجني في يومي هذا لئلّا ينتشر الخبر. قال: فاستلّ عهدا من


[١] الطرائف: عزم.
[٢] الطرائف: فشفى.
[٣] ح: حنفي.
[٤] ح: أسدلتها.
[٥] ح: فلبيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>