للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحوج ما نكون إليها. قالت: نعم، فدعا رجلا من أهل بيته يثق به، فصرّها صررا ثم قال: انطلق بهذه إلى أرملة آل فلان وإلى يتيم آل فلان، وإلى مسكين آل فلان، وإلى مبتلى آل فلان. فبقيت ذهيبة، فقال: أنفقي هذه، ثم عاد إلى عمله، فقالت: ألا تشتري لنا خادما؟ ما فعل ذلك المال؟ قال:

سيأتيك أحوج ما تكونين.

[٢٨٣]- وروي أن عمر رضي الله عنه بعث عمير بن سعد الأنصاري عاملا على حمص، فمكث حولا لا يأتيه خبره، فقال عمر لكاتبه: اكتب إلى عمير، فو الله ما أراه إلا خائنا: إذا جاءك كتابي هذا فأقبل، وأقبل بما جبيت من فيء مال المسلمين حين تنظر في كتابي هذا. قال: فأخذ عمير جرابه فجعل فيه زاده وقصعته وعلّق إداوته وأخذ عنزته «١» ، ثم أقبل يمشي من حمص حتى دخل المدينة، فقدم وقد شحب لونه واغبّر وجهه وطال شعره، فدخل على عمر وسلّم عليه، فقال عمر: ما شأنك؟ فقال؟ عمير: ما ترى من شأني، ألست تراني صحيح البدن ظاهر الدم، معي الدنيا أجرّها بقرنيها؟

قال: وما معك؟ - وظنّ عمر أنه قد جاء بمال- فقال: معي جرابي أجعل فيه زادي، وقصعتي آكل فيها وأغسل فيها رأسي وثيابي، وإداوتي أحمل فيها وضوئي وشرابي، وعنزتي أتوكأ عليها وأجاهد بها عدوا إن عرض لي، فو الله ما الدنيا إلّا تبع لمتاعي، قال عمر: فجئت تمشي؟ قال: نعم. قال: ما كان أحد يتبرّع لك بدابة تركبها؟ قال: ما فعلوا وما سألتهم ذلك؛ فقال عمر:

بئس المسلمون خرجت من عندهم، فقال عمير: اتقّ الله يا عمر، قد نهاك


[٢٨٣] حلية الأولياء ١: ٢٤٧ وصفة الصفوة ١: ٢٩١ وانظر البيان والتبيين ٣: ٤٣ وسراج الملوك:
٢٢٣- ٢٢٤ والمستطرف ١: ١١٠ ومنه جزء يسير في محاضرات الراغب ١: ١٧٠ وألف باء ١: ٤٤٨ والمنهج المسلوك ٢٤/أ- ٢٥/أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>