للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عامر بن خذيم الجمحي على حمص، فلما قدم عمر حمص قال: كيف وجدتم عاملكم؟ قال: وكان يقال لحمص الكويفة الصغرى لشكايتهم العمّال، قالوا: نشكو أربعا: لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار، قال: أعظم بها، وماذا؟ قالوا: لا يجيب أحدا بليل، قال: عظيمة، وماذا؟ قالوا: وله يوم في الشهر لا يخرج إلينا، قال: عظيمة، وماذا؟ قالوا: يغنظ الغنظ «١» بين الأيام حتى تأخذه موتة، قال: فجمع عمر بينهم وبينه وقال: اللهم لا تفيّل رأيي فيه اليوم؛ ما تشكون منه؟ قالوا لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار، قال:

والله إن كنت لأكره ذكره، ليس لأهلي خادم فأعجن عجيني ثم أجلس حتى يختمر ثم أخبز خبزي ثم أتوضأ ثم أخرج اليهم، قال عمر: وما تشكون منه؟

قالوا: لا يجيب أحدا بليل، [قال: ما تقول؟] قال: إن كنت لأكره ذكره، إني جعلت النهار لهم وجعلت الليل لله؛ قال: وما تشكون منه؟

قالوا: إن له يوما في الشهر لا يخرج إلينا فيه، قال: ليس لي خادم تغسل ثيابي ولا لي ثياب أبدلها، فأجلس حتى تجف ثم أدكلها، ثم أخرج إليهم في آخر النهار. قال: وما تشكون منه؟ قالوا يغنظ الغنظ بين الأيام، قال:

شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة وقد بضعت قريش لحمه ثم حملوه على جذعة، فقالوا له: أتحبّ أن محمدا مكانك، فقال: والله ما أحبّ أني في أهلي ومالي وولدي وأنّ محمدا شيك بشوكة، ثم نادى يا محمد، فما ذكرت ذلك اليوم وتركي نصرته في تلك الحال وأنا مشرك لا أومن بالله العظيم، إلا ظننت أنّ الله لا يغفر لي بذلك الذنب أبدا، فيصيبني تلك الغنظة. فقال عمر رضي الله عنه: الحمد لله الذي لم يفيّل فراستي، فبعث إليه بألف دينار وقال: استعن بها على أمرك، فقالت امرأته: الحمد لله الذي أغنانا عن خدمتك، فقال لها: فهل لك في خير من ذلك؟ ندفعها إلى من يأتينا بها

<<  <  ج: ص:  >  >>