للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صغير؛ قال الله تعالى: (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً)

(النساء: ١٣٥) [١] .

وأمره إذا ترافع إليه متحاكمان، وتنازع إليه متخاصمان، أن يطلب الحكم بينهما في نصّ الكتاب، فان عدمه هناك التمسه من سنّة الرسول صلّى الله عليه وسلم، فان فقده من السنة القويمة، والآثار الصحيحة السليمة، ابتغاه في إجماع المسلمين، فان لم يجد فيه إجماعا اجتهد وحكم في الحادثة أشبه الأحكام بالأصول عنده، بعد أن يبلغ غاية الوسع في التحرّي، ويستنفد الطاقة في النظر والتقصّى، فانه من أخذ بالكتاب اهتدى، ومن اتبع السنة نجا، ومن تمسّك بالإجماع سلم، ومن اجتهد رأيه أعذر. والله يقول الحقّ وهو يهدي السّبيل.

وأمره بالتثبت [٢] في الحدود، والاستظهار فيها بتعديل الشهود [٣] ، وأن يحترس من عجل يرهق [٤] الحكم عن الموقع الصحيح، أو ريث يرجئه عن الوضوح حتى يقف عند الاشتباه، ويمضي لدى الاتجاه، ويقوم بالبينات، ويدرأ الشّبهات، ولا تستخفّه عجلة إلى بريء، ولا تاخذه رأفة بمسيء، فان الله عزّ وجلّ سمّى هذا الضرب من الأحكام حدودا تشددا [٥] فيه، وإكبارا لتعدّيه، وجعله من معالم الحكم، ونسب من يجاوزه إلى الظلم، فقال تعالى: (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)

(البقرة: ٢٢٩) .

وأمره بتصفّح أحوال من يشهد عنده فيقبل منهم من ظهرت منه العدالة، وعرفت منه الأصالة، وكان ورعا في دينه، حصيفا في عقله، ظاهر التيقّظ والحذر، بعيدا من السّهو والزلل، طيّبا بين الناس ذكره، مشهورا فيهم ستره،


[١] في المختار آية أخرى غير هذه.
[٢] س: ليتثبت.
[٣] المختار: والاستظهار عليها بالشهود.
[٤] س: يزهق، ولعلها يزهف.
[٥] المختار: تضييقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>