للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منسوبا إلى العفّة والظّلف، معروفا بالنزاهة والأنف، سليما من شائن الطمع، بريئا من الحرص والجشع، فان هذه الطبقة هي حجّة الحاكم في ما يحكم، وطريقه إلى ما ينقض ويبرم، فمتى أعذر في ارتيادهم، كان معذورا في الحكم بشهاداتهم وان اختلفوا. ومتى عذّر في انتقادهم، كان ملوما في سماع أقوالهم وإن صدقوا، لأن على الحاكم أن يعتام أهل الثقة والأمانة، والعفّة والصّيانة، حدسا على باطنهم من ظاهرهم، ومخيلة لخافيهم من باديهم. والله وحده يبلو السرائر ويعلم الضمائر. وقد قال جل اسمه للحكام (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ)

[١] (البقرة: ٢٨٢) وقال تعالى في الشهود (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ)

(الزخرف: ١٩) .

وأمره أن يحتاط على مال الأيتام بثقات أمناء [٢] ، ويكلها إلى الحفظة الأعفّاء، ويرعيهم في ذلك عينا بصيرة، ويكلأهم بهمّة يقظى حتى يسيروا في هذه الأموال بسيرة تثمّرها وتنمّيها، وتدبّرها تدبيرا يحرسها ويزيد فيها، من غير أن يركبوا بها خطرا، ولا يجرّوا عليها غررا، وأن ينفقوا عليهم منها بالمعروف، ويسلكوا فيها سبيل القصد، حتى إذا بلغ أربابها الحلم، وأونس منهم الرشد سلّمت الأموال إليهم وأشهد بقبضها عليهم. قال الله تعالى:

(وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا. وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ، وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ. فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً)

(النساء: ٦) .

ومنه:

هذا ما عهد أمير المؤمنين إليك، والاحتياط لك وعليك، وهاديك إلى طريق


[١] المختار: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط.
[٢] س: الأمناء: المختار: الأيتام بالأمناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>