للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستزار، ولا يعلم أنّ المغافصة والمغالبة، والمجاحشة والمواثبة، مذاهب الأشياخ القدماء، وعادات أهل الصنعة الألبّاء، إلى غير ذلك من شرائط هذا العمل الجليل، وسنن كلّ وقاح أكيل.

ونحن ننطق في كتابنا هذا إليكم بلسان الشّره المليم، ونستمدّ لكم التوفيق من شيطان المعدة الرجيم. فأول ما أفهمكم إياه، وأنفعكم معناه، معاشر الإخوان، ورفقاء المائدة والخوان، أن تعلموا أن من صفق وجهه رقّ عيشه، ومن سعت قدمه طاب مطعمه، ومن أساء أدبه بلغ أربه، ومن قلّ حياؤه ساعدته أهواؤه.

وهذه وصيّة نبذت إليكم حكمها، وفرضت عليكم تعلّمها.

وأن تديموا دخول الحمّام، في صبيحة كلّ يوم من الأيام، فتمرّخوا المعدة، وتطلبوا التقلّب والتمدّد، ففي ذلك راحة من كد السّهر، وحدر لبقايا الطعام المعتكر. وتعقّبوه بتناول الجوارشنات، والسفوفات الفاتقة للشهوات، ثم تطرحوا أفكاركم يمنة ويسرة، وعيونكم خفية وجهرة، فتوكدوا الوصاة [١] عليهم، وتوثّقوا في العهود إليهم: لا تتركوا بابا لمنقية ولا دربا لمنقين، ولا سفينة [٢] ولا موضعا موسوما [٣] بكراء الحمير، ولا صقعا معروفا بالخانات والمواخير، إلا اخترقتموه مساء وصباحا، وطرحتموه غدوة ورواحا. وتتبعوا ولائم الإعذار [٤] ، ودور الورّاث والقمار، وحمالي الفرض، وشواني الربض، وحلق الممخرقين، ومقامات المثاقفين، ومظانّ مناطح الكباش، ومواطن التنازق والهراش، وتسترشدوا قوّام المشاهد، وصالحي المساجد، وعجائز العكاكيز، وروائح الدهاليز. ولا يجوز أن يخفى عليكم حينئذ خافية، ولا تستر دونكم عورة دانية ولا قاصية، فاذا عادوا بالنبأ الواضح، وفازوا بالخبر الصالح،


[١] م: الوصايا.
[٢] ولا سفينة: سقط من س.
[٣] موسوما: سقط من م.
[٤] م: الأعراس.

<<  <  ج: ص:  >  >>