للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرأته يعالج الموت، فتمثلت بهذا البيت: [من الطويل] .

لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

فنظر إليها كهيئة الغضبان، وقال: يا بنيّة ليس كذلك، ولكن:

جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ

(ق: ١٩) وهو في قراءة ابن مسعود هكذا «١» ، قال: أي بنية إني كنت آثرتك بحائط، وإنه كان في نفسي منه شيء فرديّه، قالت: فرددته، قال: يا بنية إنا ولينا أمر المسلمين فلم نأخذ لهم درهما ولا دينارا، ولكنا أكلنا من جريش طعامهم في بطوننا، ولبسنا من خشن ثيابهم على ظهورنا، وإنه لم يبق عندنا من فيء المسلمين قليل ولا كثير، إلا هذا العبد الحبشي وهذا البعير الناضح، وجرد هذه القطيفة، فإذا أنا متّ فابعثي بهنّ إلى عمر. فجاءه الرسول وعنده عبد الرحمن ابن عوف، فبكى عمر رضي الله عنه حتى سالت دموعه على الأرض وقال:

يرحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده، ارفعهنّ يا غلام، فقال عبد الرحمن بن عوف: سبحان الله يا أمير المؤمنين تسلب عيال أبي بكر عبدا حبشيا وبعيرا ناضحا وجرد قطيفة ثمنه خمس دراهم، قال: فما تأمر؟ قال: آمر بردهنّ على عياله، فقال: يخرج أبو بكر منهنّ عند الموت وأردهنّ أنا على عياله؟ لا يكون والله ذلك أبدا، الموت أسرع من ذلك.

[٢٨٩]- وكتب سلمان الفارسي رحمه الله إلى أبي هريرة: إنك لن


لديه إلى بيت المال انظر الروايات المختلفة في ابن سعد ٣: ١٩٢- ١٩٥ والمصباح المضيء ١:
٣٣٤؛ والبيت الذي استشهدت به عائشة لحاتم الطائي في ديوانه: ٢١٠ وروايته «أماويّ ما يغني ... » وورد في المصادر التي ذكرت القصة.
[٢٨٩] نثر الدر ٢: ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>