للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستوصوا بالصاعديّات خيرا، وبغلائلها المصبوغة حمرا، فأكبّوا على فرّوجها وعصفورها، واستكثروا من كبابها ومضفورها [١] ، وواظبوا على قرنائها وأخواتها، وبنات عمها وعمّاتها، من الاسفيذباجات والنرجسيات والمحرّقات.

فكلوا أكل الأيامى فقدوا [٢] الصاحب، واليتامى عدموا الكاسب [٣] ، وواصلوا المضاير إذا بدت إلية الحمل، واستدارت هامة البصل، فانها طعام السّلف الماضين، وأهل السنّة المتزهدين، وبها باع الناس قديما صلاتهم وصيامهم، ولها فارقوا خليفتهم وإمامهم، ومن أجلها دفعوا عن المحال وذبّوا، وأجابوا داعي الضلال ولبّوا.

وكونوا لذوات المرق إخوانا، فإن لها أنواعا من الطعوم وألوانا، وفضلا على غيرها ورجحانا، فثردها قوام الظّرف وكماله، وسنام العرف وجماله، وهي عزاء الصدور، ودواء المخمور. ولا تهملوا الحرص على لحمها المجزّع، من البشمازج والأضلع. ولفّوا لقلاياها لفّا، واستفّوا لحمها سفّا، استراحة من ناشفها إلى ممرّقها، ومراوحة من محمّصها إلى محرّقها، فانها قراضة الإبريز، وطراز المأكل الوجيز. ولا تحقروا الانتفاع بالأصباغ فنعم ظهير الأكل ومعينه، ونصيح المستكثر وأمينه. وبادروا الحلواء ساعة طلوعها في جاماتها، كالبدور في هالاتها، غير محفلين بما يقطر من أدهانها على العنافق، ويجري من مرقها على المرافق. فكلّ ذلك هيّن في جنب الظّفر بمنية النفس، وبلوغ شهوة الضّرس، ولا تستكثروا من الأنبذة فانها تضعف الشّهوة، ولذلك سمّيت الخمرة قهوة، ومن أصغر تأثيرها التملّي المانع، والخمار القاطع. وعليكم منها بما يعين المعدة على غذائها، ويكون سببا لسرعة نقائها. ولا تصغوا إلى عاذل مقبّح، ولائم متنصّح، فما ذاك إلا حسد على ما أنالكم الله من فضله: القدرة على كشف


[١] م: ومقصورها.
[٢] م: عدموا.
[٣] س: المكاسب.

<<  <  ج: ص:  >  >>