للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب مطارفها، بلون غياب الشمس، وصبغ ثياب الورس. ومن منقوشة تروق العين وترقّ النفس، ويهدي حسنها الأريحية إلى القلوب، ويحلّ الطرب لها حبية الكريم [١] اللبيب، كأنها اختلاف الزّهر اللامع، وأصناف الثمر اليانع، تقول إذا رأيتها متأمّلا، ونظرت فيها متفرّسا، أهدت لها الأنوار الأنواء، أو حبتها بالبرود صنعاء. ومن بحرية موشّية اللّيط، رائقة التخطيط، كأنّ داخلها نضرة دم، أو حاشية رداء معلم، وكأنّ خارجها إهاب أرقم، أو متن واد مفعم، قصر باطنها عن حوّة [٢] العظلم، وضاهى ظاهرها صبغ عندم، وتشرّبت ألوانا [٣] تزري بورد الخدود، وأبدت قامات تفضح تأوّد القدود، إن امتدّ وشيها قلت تثنّي ثعبان، [أو] اعوجّ قلت: مناقذ [٤] بغدان، وقرنت بها مدية حديد كأنّ القدر سابقها، والأجل سائقها، بنت سيف يمان، أو سليلة نصل هندوان [٥] ، وهي تنزع بطيب [٦] أعراقها وتحزّ بكرم سنخها، كأنها الحسام القاطع والعضب الباتر، لا يتوى رميّه، ولا ينبو عن ضريبة؛ مرهفة الصدر، مخطفة الخصر، ممهاة الشّفر، مطلقة الظّبة، رقيقة الحد، ملسة الطرف، يجول عليها فرند العقيق، ويترقرق فيها ماء الجوهر، كأنّ المنيّة تبرق من حدّها، والأجل يلمع في متنها، ركّبت على نصاب آبنوس، كأنما ناسب سواده خافية الغراب، واستعيد لونه من شرخ الشباب، وكأنّ الحدق نفضت عليها صبغها، وحبّ القلوب كستها لباسها، فهي آنق في العين من كلّ مرأى أنيق، وألوط بالقلب من كلّ قدّ رشيق، أخذ لها حديدها الناصع بحظّ من الروم، وضرب لها نصابها الحالك بسهم من الزّنج. وكأنها ليل من تحت نهار، أو نجم أبدى سنا نار.


[١] م: الحكيم.
[٢] م: وجوه.
[٣] م: ونشرت؛ ب: وسرت ألوانها.
[٤] قلت: مناقذ ... سائقها: سقط من ب.
[٥] م: هندي ب: هندواني.
[٦] م: إلى طيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>