للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخطىء بنا، ولا أريد غيرنا، وما لنا على الله معتب. فلما وضعه في قبره قال:

رحمك الله يا بنيّ، والله لقد كنت بي بارّا، ولقد كنت عليك حدبا، وما بي إليك من وحشة، ولا لي إلى أحد بعد الله فاقة، ولا ذهبت لنا بعزّ، ولا أبقيت علينا من ذلّ. ولقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليك. يا ذرّ لولا هول المطّلع ومحشره لتمنيت ما صرت إليه، فليت شعري يا ذرّ ماذا قيل لك وماذا قلت؟ ثم قال: اللهمّ إنك وعدتني الثواب بالصبر على ذرّ، اللهمّ فعلى ذرّ صلواتك ورحمتك، اللهمّ إني قد وهبت ما جعلت لي من أجر على ذرّ لذرّ صلة منّي له؛ فلا تعرفه قبيحا وتجاوز عنه فإنك أرحم الراحمين. اللهمّ وإني قد وهبت لذرّ إساءته إليّ فهب له إساءته إليك، فإنك أجود مني وأكرم. فلما ذهب لينصرف قال: يا ذر قد انصرفنا وتركناك، ولو أقمنا ما نفعناك.

«٥٩٤» - وقال شاعر: [من الطويل]

إذا ما دعوت الصبر بعدك والبكا ... أجاب البكا طوعا ولم يجب الصبر

فإن ينقطع منك الرجاء فإنه ... سيبقى عليك الحزن ما بقي الدهر

«٥٩٥» - وقال هشام أخو ذي الرمّة: [من الطويل]

تعزّيت عن أوفى بغيلان بعده ... عزاء وجفن العين ملان مترع

نعى الركب أوفى حين آبت ركابهم ... لعمري لقد جاءوا بشرّ فأوجعوا

نعوا باسل الأفعال لا يخلفونه ... تكاد الجبال الشمّ منه تصدّع

فلم ينسني أوفى المصيبات بعده ... ولكنّ نكء القرح بالقرح أوجع

<<  <  ج: ص:  >  >>