للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عبد الله بن أبي بكر يجد بعاتكة وجدا شديدا، فاجتاز به أبوه راجعا من الجمعة وعبد الله يناغيها، فقال: يا عبد الله أجمعت؟ قال: أوصلّى الناس؟

قال: نعم؛ وقد كانت شغلته عن سوق وتجارة كان فيها، فقال له أبو بكر: قد شغلتك عاتكة عن المعاش والتجارة، وقد ألهتك عن فرائض الله، طلّقها، فطلّقها تطليقة، وتحوّلت إلى ناحية الدار، فبينا أبو بكر يصلّي على سطح له في الليل إذ سمعه وهو يقول: [من الطويل]

أعاتك لا أنساك ما ذرّ شارق ... وما ناح قمريّ الحمام المطوّق

لها خلق جزل ورأي ومنصب ... وخلق سويّ في حياء ومصدق

فلم أر مثلي طلّق اليوم مثلها ... ولا مثلها في غير شيء تطلّق

فرق له أبو بكر وقال: يا عبد الله راجع عاتكة، فقال: أشهدك أني قد راجعتها.

وأشرف على غلام له يقال له أيمن فقال: يا أيمن أنت حرّ لوجه الله، أشهدك أني قد راجعت عاتكة. ثم خرج يجري إليها وأعطاها حديقة حين راجعها على أن لا تتزوّج بعده.

فلما قتل عبد الله من السّهم الذي أصابه بالطائف خطبها عمر بن الخطّاب فذكرت له أمر الحديقة فاستفتى لها عليّ بن أبي طالب فقال: ردّي الحديقة على أهله وتزوّجي، ففعلت. دعا عمر رضي الله عنه جماعة من أصحاب النبي عليه السلام فيهم عليّ بن أبي طالب، فقال له عليّ: إنّ لي إلى عاتكة حاجة أريد أن أذكّرها إياها، فقل لها تستتر حتى أكلّمها. فقال لها عمر: استتري يا عاتكة فإنّ ابن أبي طالب يريد أن يكلّمك، فأخذت مرطها فلم يظهر منها إلا ما بدا من براجمها، فقال يا عاتكة: [من الطويل]

فأقسمت لا تنفكّ عيني سخينة ... عليك ولا ينفكّ جلدي أصفرا

فقال له: يرحمك الله، وما أردت إلى هذا؟ فقال علي: وما أرادت إلى أن

<<  <  ج: ص:  >  >>