للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ما أتى يوم من الدهر بيننا ... فحيّاك عنّا شرقه وأصائله

تحية من أدّى الرسالة حبّبت ... إلينا ولم ترجع بشيء رسائله

أبى الصبر أنّ العين بعدك لم يزل ... يخالط جفنيها قذى ما تزايله

وكنت أعير الدمع قبلك من بكى ... فأنت على من مات بعدك شاغله

يذكّرني هيف الجنوب ومنتهى ... نسيم [١] الصّبا رمسا عليه جنادله

وهاتفة فوق الغصون تفجعّت ... لفقد حمام أفردتها حبائله

وسورة أيدي القوم إذ حلّت الحبى ... حبى الشيب واستغوى أخا الحلم جاهله

فعينيّ إذ أبكا كما الدهر فابكيا ... لمن نصره قد بان منّا ونائله

إذا استعبرت عوذ النساء وشمّرت ... مآزر يوم لا توارى خلاخله

وأصبح بيت الهجر قد حال دونه ... وغال امرءا ما كان يخشى غوائله

وثقن به عند الحفيظة فارعوى ... إلى صوته جاراته وحلائله

إلى ذائد في الحرب لم يك خاملا ... إذا عاذ بالسيف المجرّد حامله

كما ذاد عن عرّيسة الغيل مخدر ... يخاف الرّدى ركبانه ورواحله

فما كنت ألقى لامرىء عند موطن ... أخا بأخي لو كان حيا أبادله

وكنت به أغشى القتال فعزّني ... عليه من المقدار ما لا أقاتله

لعمرك إنّ الموت منّا لمولع ... بمن كان يرجى نفعه ونوافله

فما البعد إلا أننا بعد صحبة ... كأن لم نبايت وائلا أو نقابله

سقى جدثا أعراف غمرة دونه ... ببيشة ديمات الربيع ووابله

وما بي حبّ الأرض إلا جوارها ... صداه وقول ظنّ أني قائله [٢]


[١] الأغاني: مسير.
[٢] ب: حافله.

<<  <  ج: ص:  >  >>