للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثمائة ألف دينار؛ فلولا فضيلة البقر لما خصّت من بني الأنعام بذلك، ووجدت بني إسرائيل بعدما شاهدوه من قدرة الله جلّ وعلا في جفوف البحر ويبسه وأمر الحية والعصا، فلما غاب عنهم موسى عليه السلام عبدوا عجلا.

ووجدت الحكمة في أربعة من الأمم: الهند والفرس والروم والعرب. فأما الهند فإنها تعظّم البقر تعظيما مشهورا، حتى إنها حرّمت لحمها وصارت ترى قتل من استحلّ ذبح شيء منها. ووجدنا الفرس تعظّمها وتتطهّر بأبوالها. ووجدنا الروم تعظّمها وقد جعلت لها عيدا، وتمنع من أكل لحومها. ووجدنا العرب قد جعلتها أجلّ قرباناتها إلى الله في أعيادها، وعقيقتها عن أولادها. ويروى عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال: إنّ ملكين من حملة العرش على صورة البقرة يدعوان الله بأرزاق البهائم، فلولا ما فيها من التكريم والتعظيم والتقديم على سائر البهائم لما خصّت بهذه المناقب العظام. ولولا إشفاقي من الخروج في الإطناب عن الغرض المطلوب، والمذهب المركوب، لزدت في إيضاح مناقبها، والإفصاح بأوصافها التي تتميّز بها عن المخلوقات المركوبات، والمثيرات والحارثات، ولكن قد مضى ما فيه كفاية، وإن لم يكن بلغ النهاية. (وبعده الدعاء) .

وهذا فصل نضمّه إلى الباب يتضمّن حسن التأسّي في الشدة، والصبر والتسلّي عن نوائب الدهر.

«٧٢٣» - ثمرة الصبر الظفر، ونتيجته الراحة. وإذا تلقّي به الحوادث فكأن لم تقع. قال عليّ عليه السلام: من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع. وقال: الصبر يناضل الحدثان، والجزع من أعوان الزمان. وقال أيضا: الصبر شجاعة. وكتب إلى أخيه عقيل بن أبي طالب من كتاب له: ولا تحسبنّ ابن أبيك، ولو أسلمه الناس،

<<  <  ج: ص:  >  >>