للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلست إلى جدواك أعظم حاجة ... على شدة الاعسار منك إلى شكري

«١٢٤» - وقالوا: لما استتبّ الأمر لمعاوية قدم عليه عبد الله بن عباس، وهي أول قدمة قدمها عليه، فدخل وكأنه قرحة تتبجس [١] ، فجعل عتبة بن أبي سفيان يطيل النظر إليه ويقلّ الكلام معه. فقال ابن عباس: يا عتبة إنك لتطيل النظر إليّ وتقلّ الكلام معي، أفلموجدة فدامت أو لمعتبة فلا زالت؟ فقال له عتبة: ماذا أبقيت لما لا رأيت؟ أمّا طول نظري إليك فسرورا بك، وأما قلة كلامي معك فلقلّته مع غيرك، ولو سلطت الحقّ على نفسك لعلمت أنه لا تنظر إليك عين مبغض. فقال ابن عباس: أمهيت يا أبا الوليد أمهيت، لو تحقق عندنا أكثر مما ظنناه لمحاه أقلّ مما قلت. فذهب بعض من حضر ليتكلم فقال له معاوية: اسكت إنّ الداخل بين قريش لخائن نفسه. وجعل معاوية يصفّق بيديه ويقول: [من الرجز]

جندلتان اصطكتا اصطكاكا ... دعوت عركا إذ دعوا عراكا

يقال: أمهيت الحديدة إذا سقيتها، والامهاء: إرخاء الحبل. وأمهيت الفرس: أرخيت عنانه. ولبن ممهوّ: رقيق، وناقة ممهاء: رقيقة اللبن.

«١٢٥» - وكتب عمرو بن سعيد بن العاص إلى عبد الملك بن مروان:

استدراج النعم إياك أفادك البغي، ورائحة القدرة أورثتك الغفلة، فزجرت عما واقعت مثله، وندبت إلى ما تركت سبله، ولو كان ضعف الأسباب يؤيس الطالب ما انتقل سلطان ولا ذلّ عزيز [٢] . وعن قليل يتبيّن من صريع بغي، وأسير


[١] م: تنبجس.
[٢] م: عز ذليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>