للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانوا أعداء الزبرقان، أن يزيدوا في البرّ على ما فعله الزبرقان، فحمله الطمع والجشع على أن أرضاهم بهجائه فقال: [من البسيط]

ما كان ذنب بغيض لا أبا لكم ... في بائس جاء يحدو آخر الناس

جار لقوم أطالوا هون منزله ... وغادروه مقيما بين أرماس

ملّوا قراه وهرّته كلابهم ... وجرّحوه بأنياب وأضراس

دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

وهي أكثر من هذا [١] . فاستعدى الزبرقان عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأنشده الأبيات فقال: ما أسمع هجاء وإنما هي معاتبة، فقال الزبرقان: أو ما بلغ من مروءتي إلا أن آكل وأشرب؟ فدعا حسان فسأله عن الشعر فقال: ما هجاه ولكن سلح عليه.

«٢٤٦» - ولما قتل جعفر بن يحيى بكاه أبو نواس وجزع عليه وقال: اليوم والله ذهبت المروءة والأدب، فقيل له: أتقول هذا وقد كنت تهجوه وتقطعه من قبل؟

فقال: ذاك لركوب الهوى. أيكون أكرم من جعفر وقد رفع إليه صاحب الخبر أني قلت: [من الطويل]

ولست وإن أطنبت في وصف جعفر ... بأول إنسان خري في ثيابه

فوقّع في رقعته: يدفع إليه عشرة آلاف درهم يغسل بها ما ذكر أنّه نال ثيابه.

وكان أبو نواس مائلا إلى الفضل بن الربيع ومنحرفا عن البرامكة.


[١] زاد هنا في ر:
ومثل بيت الحطيئة قول آخر:
اني وجدت من المكارم حسبكم ... ان تلبسوا حرّ الثياب وتشبعوا
واذا تذوكرت المكارم مرة ... في مجلس أنتم به فتقنعوا

<<  <  ج: ص:  >  >>