- ومن العبث بالهجو ما روي أنّ الحطيئة همّ بهجاء فلم يدر من يستحقّه فجعل يجول ويقول:[من الطويل]
أبت شفتاي اليوم إلّا تكلّما ... بسوء فما أدري لمن أنا قائله
ثم اطلع في ركيّ فرأى وجهه فقال:
أرى لي وجها شوّة الله خلقه ... فقبّح من وجه وقبّح حامله
وهجا أباه وأمه فقال:[من الكامل]
ولقد رأيتك في النساء فسؤتني ... وأبا بنيك فساءني في المجلس
٢٤٨- ومن هذا الفن أنّ شاعرا في زماننا هجا بعض الأعيان بأبيات مطبوعة تداولها الناس فحبس وعزّر. وأراد الوزير أبو علي ابن صدقة أن يستكفّه عن الزيادة فقال له: ما أردت إلى هجاء هذا الرجل؟ هل اجتديته فمنعك، أو مدحته فحرمك، أو كانت لك حكومة فمال فيها عليك؟ قال: كلّ ذلك لم يكن، بل قطع كان على عرضه وقفاي.
«٢٤٩» - وضدّ هذا العبث بالأعراض قول صخر بن عمرو بن الشريد السّلميّ، وقد قتلت بنو مرّة أخاه معاوية بن عمرو، فقال له قومه: ألا تهجوهم؟ فقال: ما بيننا أجلّ من القذع، ولو لم أكفّ عن هجائهم إلّا رغبة بنفسي عن الخنا لكففت. وقال:[من الطويل]
تقول ألا [١] تهجو فوارس هاشم ... وما لي إذا أهجوهم ثم ما ليا
أبى الشتم أني قد أصابوا كريمتي ... وأن ليس إهداء الخنا من شماليا