وذي إخوة قطّعت أقران بينهم ... كما تركوني واحدا لا أخا ليا
فأمسك عن هجائهم، وقد وتروه، صيانة وتكرّما.
٢٥٠- وكانت العرب في جاهليتها وإسلامها تتّقي الهجاء أشدّ من اتقائها السلاح، حيث كانت تحامي عن أحسابها، وترغب في اقتناء [١] المحامد الباقي ذكرها على أعقابها. ولذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم وحسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وغير هما من الصحابة يهجون مشركيّ قريش: لهو أشدّ عليهم من وقع النبل.
«٢٥١» - وكان أحدهم في الفلاة القفر لا أنيس بها معه ولا قرين، يحمي نفسه عن كلمة يعاب بها حتى كأنه يتعبّد بذلك من لا يخفى عليه خافية. فمن ذلك أنّ حذيفة بن بدر لما فرّ في حرب عبس وذبيان، ونزل وأصحابه إلى جفر الهباءة يتبرّدون في حمارّة القيظ، اقتصّ قيس بن زهير أثرهم حتى وقف عليهم في عدّة فوارس، وهم في الجفر، فأيقنوا بالهلاك فقال حذيفة: يا بني عبس فأين العقول والأحلام؟ فضرب حمل بن بدر بين كتفيه وقال: إياك ومأثور الكلام.
فانظر إلى هذه الحمية والنفس الأبية، منعه أن يستعطف ابن عمّه، وهم متوقعون للقتل لئلّا يؤثر عنهم ضراعة ورقة عند الموت. وأمثال ذلك كثير، وليس هذا موضع إيراده.
«٢٥٢» - ومن مراقبتهم للشعر ما روي عن عبد الملك بن مروان أنه قال لولده