«٥٠٤» - قال المبّرد بلغني أنّ أعرابيّا لقي رجلا من الحاجّ فقال له: ممّن الرجل؟ قال: من باهلة، قال: أعيذك بالله من هذا، قال: أي والله، وأنا مع ذاك مولى لهم. فأقبل الأعرابيّ يقبّل يديه ويتمسّح به، فقال له الرجل: لم تفعل ذلك؟ قال: لأني أثق بأنّ الله تعالى لم يبتلك بهذا في الدنيا إلّا وأنت في الجنة.
٥٠٥- وقال أبو الشمقمق لبشّار بن برد: أنت ثقيل عليّ وأنا ثقيل عليك، فتعال حتى يصف كلّ واحد منّا صاحبه، فقال بشّار: أنت عندي أثقل من الكرب في آب، والصدام في كانون، والرقيب على العاشق، والغريم على المفلس، ومن عسر الولادة، ومن شماتة الأعداء. قال أبو الشمقمق: أما أنا فأختصر:
أنت عندي أثقل من موت الفجأة وزوال النعمة.
«٥٠٦» - وقال شاعر:[من الطويل]
إلى الله أشكو أنني بتّ طاهرا ... فجاء سلوليّ فبال على رجلي
فقلت اقطعوها لا أبا لأبيكم ... فإني كريم غير مدخلها رحلي
«٥٠٧» - دخل أبو دلامة على المهديّ وعنده إسماعيل بن عليّ [١] وعيسى بن موسى والعباس بن محمد ومحمد بن إبراهيم الإمام وغيرهم من بني هاشم، فقال له المهدي: أنا أعطي الله عهدا لئن لم تهج واحدا ممّن في البيت لأقطعنّ لسانك.
فنظر إليه القوم وغمزه كلّ واحد منهم بأنّ عليّ رضاك. قال أبو دلامة: فعلمت أنّي قد وقعت، وأنها عزمة من عزماته لا بدّ منها، فلم أر أحدا أحقّ بالهجاء