للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتشرت من آخر. لبئس لعمر الله سعر [١] نار الحرب أنتم. تكادون ولا تكيدون، وتنتقص أطرافكم ولا تمتعضون، لا ينام عنكم وأنتم في غفلة ساهون. غلب والله المتخاذلون. وايم الله إني لأظنّ بكم أن لو حمس الوغى واستحرّ الموت قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج الرأس. والله إنّ امرءا يمكّن عدوّه من نفسه يعرق لحمه ويهشم عظمه، ويفري جلده، لعظيم عجزه، ضعيف ما ضمّت عليه جوانح صدره. أنت فكن ذاك إن شئت، فأما أنا فو الله دون أن أعطي ذلك ضرب بالمشرفية يطير منه فراش الهام، وتطيح السواعد والأقدام، ويفعل الله بعد ذلك ما يشاء.

«٥٣١» - ومن كلامه كرّم الله وجهه [٢] : وايم الله لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلمون من سيف الآخرة. أنتم لهاميم العرب والسنام الأعظم. إنّ في الفرار لموجدة الله، والذلّ اللازم، والعار الباقي، وإنّ الفارّ غير مزيد في عمره، ولا محجوز بينه وبين يومه. من رائح إلى الله كالظمآن يرد الماء؟ الجنة تحت أطراف العوالي. اليوم تبلى الأخبار.

٥٣٢- قام مروان بن الحكم يوم الجمل يحرّض الناس فقال بعد حمد الله والثناء عليه، والصلاة على نبيّه عليه السلام: إنّ الله عزّ وجلّ بعث محمدا صلّى الله عليه وسلم رسولا ختم به الرسل، ونسخ بدينه الأديان، ثم لم يقبضه حتى استوسق الإسلام وثبتت أركانه، وأنارت أحكامه، وعرف كلّ وارد مشربه، وكلّ سار مصدره، فجعل الحقّ أبين من المجرّة لا يجهلها الدليل ولا يضلّ عنها الساري.

فلما قبض صلّى الله عليه وسلم ولي الأمر أبو بكر رحمة الله عليه فتألّب عليه الأعداء، وناصبته


[١] م: طعم.
[٢] ر م: عليه السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>