«٥٦٧» - ومن كلام عليّ عليه السلام يوبّخ أهل العراق على تخاذلهم عن حرب أهل الشام: أيها الناس المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم، كلامكم يوهي الصمّ الصلاب، وفعلكم يطمع فيكم الأعداء. تقولون في المجالس:
كيت وكيت، فإذا جاء القتال قلتم حيدي حياد. ما عزّت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من قاساكم، أعاليل بأضاليل، دفاع ذي الدين المطول، لا يمنع الضيم الذليل، ولا يدرك الحقّ إلّا بالجد. أيّ دار بعد داركم تمنعون؟ ومع أيّ إمام بعدي تقاتلون؟ المغرور والله من غررتموه، ومن فاز بكم فاز بالسهم الأخيب، ومن رمى منكم فقد رمى بأفوق ناصل. أصبحت والله لا أصدّق قولكم، ولا أطمع في نصركم، ولا أوعد العدوّ بكم. ما بالكم؟ ما دواؤكم؟ ما طبكم؟ القوم رجال أمثالكم. أقولا بغير علم، وغفلة من غير ورع، وطمعا في غير حق؟
«٥٦٨» - خطب الحجاج بعد دير الجماجم فقال: يا أهل العراق، إنّ الشيطان قد استبطنكم فخالط اللحم والدم والعصب والمسامع والأطراف والشغاف، ثم أفضى إلى الأمخاخ والأصماخ، ثم ارتفع فعشّش، ثم باض وفرّخ، ثم دب ودرج، فحشاكم نفاقا وشقاقا، وأشعركم خلافا، فاتخذتموه دليلا تتبعونه، وقائدا تطيعونه، ومؤامرا تشاورونه. فكيف تنفعكم تجربة، وتعظكم نصيحة، أو يحجزكم إسلام أو ينفعكم بيان؟ ألستم أصحابي بالأهواز حيث رمتم المكر، وسعيتم بالغدر، وأجمعتم على الكفر، وظننتم أنّ الله يخذل دينه وخلافته، وأنا أرمقكم بطرفي: تتسللون لواذا، وتنهزمون سراعا. ثم يوم الزاوية وما يوم الزاوية، بها كان فشلكم وتنازعكم وتخاذلكم، وبراءة الله منكم، ونكوص وليّكم عنكم، إذ ولّيتم كالإبل الشوارد إلى أوطانها، النوازع