للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أعطانها، لا يسأل المرء عن أخيه، ولا يلوي الشيخ على بنيه، حين عضكم السلاح، وقصمكم الرماح. ثم يوم دير الجماجم وما يوم دير الجماجم؟ بها كانت المعارك والملاحم، بضرب يزيل الهام عن مقيله، ويذهل الخليل عن خليله. يا أهل العراق، الكفرات بعد الفجرات، والغدرات بعد الخترات، والنزوة بعد النزوات. إن بعثتم إلى ثغوركم غللتم وخنتم، وإن أمنتم أرجفتم، وإن خفتم نافقتم. لا تتذكرون نعمة، ولا تشكرون معروفا. هل استخفكم ناكث، أو استغواكم غاو، أو استنفركم عاص، أو استنصركم ظالم، أو استعضدكم خالع إلّا لبّيتم دعوته، وأجبتم صيحته، ونفرتم إليه خفافا وفرسانا ورجلانا. يا أهل العراق هل شغب شاغب، أو نعب ناعب، أو زفر زافر، إلّا كنتم أتباعه وأنصاره؟ يا أهل العراق ألم تنهكم المواعظ، ألم تزجركم الوقائع، ألم يشدد الله عليكم وطأته، ويذيقكم حرّ سيفه وأليم بأسه ومثلاته.

٥٦٩- لما استكفّ الناس بالحسين بن علي عليه السلام استنصت [١] الناس وحمد الله تبارك وتعالى، وصلّى على النبي صلّى الله عليه وسلم ثم قال: تبّا لكم أيها الجماعة وترحا، أحين استصرختمونا ولهين فأصرخناكم موجفين، سللتم علينا سيفا كان بأيماننا [٢] وحششتم علينا نارا اقتدحناها على عدوّكم وعدوّنا، فأصبحتم إلبا على أوليائكم، ويدا عليهم مع أعدائكم، لغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم، ومن غير حدث كان فينا، ولا رأي تفيّل منا؟ فهلّا لكم الويلات أذكيتموها وتركتموها والسيف مشيم، والجأش طامن، والرأي لم يستحصف؟ ولكن استسرعتم إليها كطيرة الذّباب، وتداعيتم عليها كتداعي الفراش؛ فشجا وبهلة لطواغيت الأمة، وشذّاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، ونفثة الشيطان، وعصبة الآثام، ومحرّفي الكلم، ومطفئي السنن، وملحقي العهر بالنسب، واسف المؤمنين، ومراجي المستهزئين، الذين جعلوا القرآن


[١] هنا يعود النص في ر.
[٢] ر: في أيماننا.

<<  <  ج: ص:  >  >>