خسرتم دينكم، فهذا كتاب أمير المؤمنين بالخبر السارّ عنه والعهد القريب منه.
٥٧٤- قال شبيب بن شيبة: كثر قطع بني تميم الطريق بين مكة والبصرة، فبعثني المنصور أقوم في المناهل، وأتكلّم فأذمّ أهل البادية وأوبّخهم بما يردعهم، فلم أرد ماء إلّا تكلمت بما حضرني فما أحد ينطق، حتى قمت على ماء لبني تميم، فلما انقضى كلامي قام رجل منهم دميم فقال: الحمد لله أفضل ما [١] حمدته وحمده الحامدون قبلك وبعدك، وصلّى الله على محمد نبيّه ونجيّه أفضل صلاة وأتمّها، وأخصّها وأعمّها. ثم إني قد سمعت ما تقول في مدح الحضارة وأهلها، وذمّ البداوة وأهلها، ومهما كان منا أهل البادية من شرّ فليس فينا نقب الدور، ولا شهادة الزور، ولا نبش القبور، ولا نيك الذكور. قال: فأفحمني، فتمنيت أني لم أخرج لذلك الوجه.
«٥٧٥» - عتب عبد الله بن طاهر على كاتب له فنحّاه فرفع إليه رقعة يعتذر فيها، فوقّع عبد الله بين سطورها: قلة نظرك لنفسك حرمك سنيّ المنزلة، وغفلتك عن حظّك حطّتك عن أعلى الدرجة، وجهلك موضع النعمة، أحلّ بك الغير والنّقمة، وعماك عن سبيل الدّعة، أسلكك طريق المشقة، حتى صرت من قوة الأمل معتاضا شدّة الوجل، ومن رخاء العيش معتقبا يأس الأبد، وحتى ركبت مطية المخافة بعد مجلس الأمن والكرامة، وصرت موضعا للرحمة بعد أن كنت موضع الغبطة. على أني أرى أملك أمريك بك أدعاهما إلى المكروه إليك، وأوسع حاليك لديك أضعفهما متنفّسا عليك، كقول القائل:[من المتقارب]