فرساننا، فصرعنا منها جحشا ومنعنا مما سواه شدّة الكلال والملال، وامتلاء الحقائب من الأثقال.
وانقلبنا- أيد الله الأمير- إلى معرّس كنا استطبناه بادئين، وأعددناه للاستراحة عائدين. وقد وجب الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، فنزلنا ريثما صلينا، وعرفنا عدد ما صدنا، واجتمع إلينا أهل موكبنا، ونهضنا فأتممنا، وأخذنا في صيد ما يقرب ويحفّ، وتحصيل ما يلوح ويستدفّ، فكان ذلك حبارى أرسلنا بعض شواهيننا إليه، فثاوره وهو يتّقيه، وثاقفه وهو ينتحيه، يعلو عليه تارة ويستفل [١] عنه أخرى، كالفارسين المتطاردين، والبطلين المتنازلين، فداما كذلك ساعة أو ساعتين، إلى أن اعتلقه، وهبط به، وخبطه وجثم عليه.
وكان قريبا منه قنبر أطلقنا عليه يؤيؤا لنا، فعرج إلى السماء عروجا، ولجّج في إثره تلجيجا، كأنّ ذلك يعتصم منه بالخالق، وكأنّ هذا يستطعمه من الرازق، حتى غابا عن النظار، واحتجبا عن الأبصار، وصارا كالغيب المرجّم، والظنّ المتوهّم، حتى خطفه ووقع به وهما كهيئة الطائر الواحد، فأعجبنا أمرهما، وأطربنا منظرهما، ووردنا المنازل سالمين، وولجناها غانمين، والغزالة مصوّبة للغروب، مؤذنة بالمغيب، والجوّ في أطمار منهجة من أصائله، وشفوف مورّسة من غلائله.
فالحمد لله الذي قدر الأرزاق ونزّلها، ويسّرها وسهّلها، وآتاها عباده من مستصعب جهاتها، وممتنع مراماتها، وجعل لهم في الأطيار السارية والوحوش الجارية طعما من أطايبها، وخدما من جنائبها، وعلمهم تذليل شامسها وآبيها، واستجابة نافرها وعاصيها، إسباغا للمواهب، وإرغادا للمعايش، وإمتاعا بالأوطار، وإسعافا بالمسارّ. وإياه أسأل أن ينصر راية الأمير في دقيق الأغراض وجليلها، ويقضي الظفر لها في جسيم المطالب وضئيلها، حتى يكون شعاره في