للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت: يا غلام، دون ما بك ما يفحم عن الشعر، قال: أجل، ولكن البرق أنطقني، فما مكث يومه حتى مات.

[٤٥١]- وممّن روي أنه مات كمدا كعب بن مالك المعروف بالمخبّل، وهو من بني لأي بن شمّاس، وكان عنده ابنة عمّ له يقال لها: أم عمرو، وكان إليها مائلا، وبها معجبا، فنظر إليها متجردة من ثيابها، فقال لها: يا أم عمرو هل تعرفين أجمل منك وأكمل؟ قالت: نعم أختي ميلاء، قال لها: فإني أشتهي أن أراها، فقالت: إن علمت بمكانك لم تجىء، ولكني أحتال وأحضرها، ففعلت ذلك، فلما حضرت ورآها علقها وغلبت على قلبه، ووجدت هي به كوجده بها، فأخبرت أم عمرو بشأنهما، وصادفتهما وهما يتحدثان، فانصرفت إلى إخوتها، وهم سبعة، فقالت: إما أن تزوّجوا هذا الرجل من ميلاء وتفرقوا بيني وبينه، وإما أن تغيبوها عني، فلما وقف على ذلك هرب إلى الشام وأنشأ يقول: [من الطويل]

أفي كلّ يوم أنت من بارح الهوى ... إلى الشمّ من أعلام ميلاء ناظر

وكان مقيما بالحجاز، فروى هذا البيت رجل من أهل الشام ثم خرج [الشامي] إلى الحجاز لحاجة له فاجتاز بأم عمرو وميلاء، فاستدل أمّ عمرو على الطريق فقالت: يا ميلاء صفي له [الطريق] ، فلما سمع ذكر ميلاء ذكر الأعرابي، وأنشد البيت الذي أخذه عنه، فارتاحت ميلاء ورحّبت بالرجل، وقالت له:

اجلس حتى يجيء إخوتي فيكرموك ويقفوك على الطريق، فلما جاءوا وأخبرتهم ميلاء بما سمعت منه، وقد كانوا يحبون أن يعرفوا خبر كعب، فعرّفهم أنه نزل عليه وسمع هذا الشعر منه وشعرا آخر، فقالوا أنشدناه، فأنشدهم: [من الطويل]


[٤٥١] هو المخبل القيسى، الأغاني ٢٣: ٥١١ (مع بعض اختلاف) وتزيين الأسواق: ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>