للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صبّحهم خالد ومعه بنو سليم، وكانت بنو سليم تطلبهم بمالك بن خالد بن صخر الشريد وإخوته كرز وعمرو والحارث، وكانوا قتلوهم في موطن واحد، فلما صبّحهم خالد في ذلك اليوم، ورأوا معه بني سليم زادهم ذلك نفورا، فقال لهم خالد: أسلموا، فقالوا: نحن قوم مسلمون، قال: فألقوا سلاحكم وانزلوا، قالوا: لا والله ما نلقي سلاحنا، ولا نحن لك ولا لمن معك آمنين، قال خالد: فلا أمان لكم إلا أن تنزلوا، فنزلت فرقة [منهم فأسرهم، وتفرق بقية القوم فرقتين، فأصعدت فرقة] وسفلت أخرى، فبعث خالد جندا في أثر ظعن مصعدة يسوق بهنّ فتية، فقال: أدركوا أولئك؛ فخرجوا في أثرهم، فلما أدركوهم وقف لهم غلام شابّ على الطريق، فجعل يقاتلهم ويرتجز ويقول: [من الرجز]

أرخين أذيال المروط وارتعن ... مشي حييّات كأن لم يفزعن

إن يمنع اليوم نساء تمنعن

فقاتلهم قليلا فقتلوه ومضوا حتى لحقوا الظعن، فخرج إليهم غلام كأنّه الأول فجعل يقاتلهم ويقول: [من الرجز]

أقسم ما إن خادر ذو لبده ... يدرم «١» بين أيكة ووهده

يفرس ثنيان «٢» الرجال وحده ... بأصدق الغداة منّا نجده

فقتلوه وأدركوا الظعن فأخذوهن، فإذا فيهن غلام وضيء به صفرة في لونه كالمنهوك، ربطوه بحبل وقدموه ليقتلوه، فقال لهم: هل لكم في خير؟ قالوا: وما هو؟ قال: تدركون بي الظعن أسفل الوادي ثم تقتلوني، فلما كان بحيث يسمعهنّ الصوت نادى بأعلى صوته: اسلمي حبيش عند نفاد العيش، فأقبلت عليه جارية حسناء بيضاء وقالت: وأنت فاسلم على كثرة الأعداء وشدة البلاء،

<<  <  ج: ص:  >  >>