أترعين ما استودعت أم أنت كالذي ... إذا ما نأى هانت عليه ودائعه
فبكت وقالت: بل أرعى والله ما استودعت، ولا أكون كمن هانت عليه ودائعه، فأرسل بعيرها وبكى حتى سقط مغشيّا عليه، وهي واقفة، ثم أفاق وهو يقول:
ألا إن حسيا دونه قلّة الحمى ... منى النفس لو كانت تنال شرائعه
وكيف ومن دون الورود عوائق ... وأصبغ حامي ما أحبّ ومانعه
فلا أنا فيما صدّني عنه طامع ... ولا أرتجي وصل الذي هو قاطعه
٤٨٣- قال بعضهم: رأيت امرأة مستقبلة البيت في غاية الضرّ والنحافة، رافعة يديها تدعو، فقلت لها: هل من حاجة؟ قالت: حاجتي أن تنادي في الموقف بقولي: [من الطويل]
تزوّد كلّ الناس زادا يقيمهم ... وما لي زاد والسلام على نفسي
ففعلت، فإذا أنا بفتى منهوك فقال: أما الزاد فمضيت به إليها، فما زادت على النظر والبكاء، ثم قالت له: انصرف مصاحبا، فقلت: ما علمت أن لقاء كما يقتصر على هذا، فقالت: أمسك، أما علمت أنّ ركوب العار ودخول النار شديد؟! [٤٨٤]- وقال الناجم:[من الرجز]
طالبت من شرّد نومي وذعر ... بقبلة تحسن في القلب الأثر
فقال لي مستعجلا وما انتظر: ... ليس لغير العين حظّ في القمر
أخذه من قول علي بن الجهم:[من الطويل]
وقلن لنا نحن الأهلة إنما ... نضيء لمن يسري بليل ولا نقري
[٤٨٤] التشبيهات: ٩٣ وأمالي القالي ١: ٢٣٠ وشعراء عباسيون ٣: ٣٨٩، ٤٢٢ وشعر ابن الجهم في ديوانه: ١٤٤ (من قصيدته: عيون المهابين الرصافة والجسر) .