للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على جمرات الأذى، حتى غضب الله لحلمه، ونصره بأخيه وابن عمّه، وجعلهما الله ومن اتّبعهما الغالبين، فقطع دابر القوم الذين ظلموا، والحمد لله رب العالمين، صلّى الله عليهما صلاة غادية رائحة، سانحة بارحة. ثم إنّ الله تعالى أمرنا بالتواصل والتكاثر، ومنعنا من التقاطع والتدابر، وخبّرنا أنه خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا، وكان ربّك قديرا. وهذا فلان يخطب فلانة.

[٦٥٣]- دخل عبد الله بن الأهتم على عمر بن عبد العزيز مع العامّة، فلم يفجأ عمر إلا وهو ماثل بين يديه، فتكلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أمّا بعد فإنّ الله خلق الخلق غنيّا عن طاعتهم، آمنا معصيتهم «١» ، والناس يومئذ في المنازل والرأي مختلفون: فالعرب بشرّ تلك المنازل: أهل الحجر والوبر وأهل المدر الذين تحتاز دونهم طيبات الدنيا ورفاهة عيشها، ميّتهم في النار وحيّهم أعمى، مع ما لا يحصى من المرغوب عنه والمرهوب منه «٢» . فلما «٣» أراد الله تعالى أن ينشر عليهم من رحمته «٤» ، بعث إليهم رسولا من أنفسهم عزيزا عليه ما عنتوا، حريصا عليهم، بالمؤمنين رؤوفا رحيما. فلم يمنعهم ذلك أن جرّحوه في جسمه، ولقّبوه في اسمه، ومعه كتاب من الله ناطق [وبرهان صادق] لا يرحل إلا بأمره، ولا ينزل إلا بإذنه، واضطروه إلى بطن غار. فلما أمر بالعزمة انبسط «٥» لأمر الله لونه، فأفلج الله حجّته، وأعلى كلمته، وأظهر دعوته، وفارق الدنيا نقيّا تقيّا. ثم قام بعده أبو بكر، فسلك سنّته، وأخذ بسبيله، فارتدّت العرب، فلم يقبل منهم بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلا الذي كان قابلا


[٦٥٣] البيان والتبيين ٢: ١١٧- ١٢٠ (عبد الله بن عبد الله بن الأهتم) وسيرة عمر لابن عبد الحكم:
١٠٩ ولابن الجوزي: ١٣٦ والعقد ٤: ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>