على حجّته. ويل لمن اغتصب حقّا وادّعى باطلا، وأفلح من رضي بحكم الله تعالى، وخاب من أرغم الحقّ أنفه. العدل أولى بالأثرة وإن رغم الجاهلون.
حقّ لمن أمر بالمعروف أن يجتنب المنكر، ولمن سلك سبيل العدل أن يصبر على مرارة الحقّ. كلّ نفس تسمو إلى همّتها، ونعم الصاحب القناعة. أيها الناس، إنّ أكرم العبادة الورع، وأفضل الزّاد التقوى، فاعملوا في دنياكم، وتزوّدوا لآخرتكم، اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ، وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
(آل عمران:
١٠٢) . وإيّاكم والعصبية وحميّة الجاهلية، فإنهما يمحقان الدين، ويورثان النفاق، خلّتان ليستا من ديني ولا دين آبائي «١» . وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى، وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ
(المائدة: ٢) ، يصلح لكم دينكم، وتحسن المقالة فيكم. الحقّ أبلج، والسبيل نهج، والباطل لجلج، والناس مختلفون، ولكلّ في الحقّ سعة. من حاربنا حاربناه، ومن سالمنا سالمناه. الناس جميعا آمنون إلا رجلين: رجل نصب لنا نفسه وأعان علينا بماله، ولو شئت أن أقول، ورجل قال فينا يتناول من أعراضنا، قلت، ولكن حسب امرىء وما اكتسب، وسيكفي الله الظالمين.
[٦٦٢]- خطبة تنسب إلى يزيد:
أيّها الناس، سافروا بأبصاركم في كرّ الجديدين، ثم أرجعوها كليلة عن بلوغ الأمل، فإنّ الماضي عظة للباقي، ولا تجعلوا الغرور سبيل العجز فتنقطع حجّتكم في موقف الله سائلكم فيه ومحاسبكم على ما أسلفتم. أيها الناس، أمس شاهد فاحذروه، واليوم مؤدّب فاعرفوه، وغدا رسول فأكرموه، وكونوا على حذر من هجوم القدر. أعمالكم تطلق أبدانكم «٢» ، والصراط ميدان يكثر فيه