[٦٦٣]- خطب محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله فقال:
الحمد لله، أحمده وأستعينه وأستغفره، وأومن به، وأتوكّل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحقّ داعيا، وبالعدل آمرا، وبالجنة مبشّرا، ومن النار منذرا، وبلّغ رسالته، وجاهد من عند عن سبيل ربّه حتى أكمل الله له دينه، وأظهر حجّته، وصلّى الله عليه وعلى آله كما صلّى على إبراهيم وآل إبراهيم. أوصيكم عباد الله بتقوى الله، وأحضّكم على طاعة الله، وأرضى لكم ما عند الله، فإنّ تقوى الله أفضل ما تحاثّ الناس عليه وتداعوا إليه، وتواصوا به، فاتّقوا الله ما استطعتم، واسمعوا وأطيعوا، وأنفقوا خيرا لأنفسكم، ولا تغرّنّكم الدنيا فإنها غرّارة، مغرور من اغترّ بها، ألا ترونها لم ترفع أحدا إلا وضعته؟ ولم تعزّ جبّارا إلا أذلّته؟ ولم تذق أبناءها من حلاوتها إلا أعقبتهم سمّا قاتلا وذعافا موبيا؟ قد أعدّت لهم مصارع الردى ومدارج التلف لطول الحسرة والندامة، يوم تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها
(الحج: ٢) . فلمثل هذه تسعون، وفي مثلها ترغبون، وإليها تركنون، ولها تجمعون، وأنتم ترون مصارع الملوك الذين كانوا أطول منكم أعمارا، وأكثر منكم أموالا وأعتد عتادا فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ
(القصص: ٥٨) . فاحذروها كما حذّركم الله فإنّها بالموضع الذي وضعها الله، والصفة التي وصفها، قال الله عزّ وجلّ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً