للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أربابا، وافتريت على الله الأباطيل، وعبدت دونه الصّور والتماثيل، فجهر بكلمة الصّدق، وصدع بدعوة الحقّ، ودلّ على الدين القويم، وهدى إلى الصراط المستقيم، حتى بدا الإسلام مشرقا، واستنبط الكفر نفقا، وظهر أمر الله وهم كارهون. صلّى الله عليه وسلّم، وشرّف وكرّم، صلاة دائمة تلاقيه وتصافحه، وسلاما يغاديه ويراوحه، وشرفا ينمي إذا ذوت الحدائق، وكرامة تبقى إذا فنيت الخلائق، وعلى أهل بيته وناصريه، وصحابته ومؤازريه، وذوي الرتبة الفائتة للمساعي، والدرجة العالية عن المرعيّ والراعي.

أوصيكم عباد الله وإيّاي بتقوى الله، وأحذّركم الدنيا فإنها منزل مكر وأطماع، ودار غرور وخداع، وطريق ميل واعوجاج، ومحلّ قلعة وانزعاج «١» ، درّتها مقطوعة، ونفرتها ممنوعة، وعقدها مجذوذ، وعهدها منبوذ، بينا هي مقبلة حتى تدبر، ومستأنسة حتى تنفر، ومسعدة حتى تخذل، ومصحبة حتى تحرن، صحّتها أسقام، ولذّتها أحلام، ونعيمها بوس، وأسعدها «٢» نحوس، من سكن إليها فتنته، ومن اعتمد عليها أسلمته، ومن همّت باقتناصه استهوته، ومن نهيت عن اعتباطه أهرمته، المرء فيها حليف هموم وأشجان، وأليف غموم وأحزان، وطليح نصب ولغوب، وطريح نوب وخطوب، فالسعيد من فقه أغراضها، والسّليم من كره أعراضها، والعزيز من زهد في عاجلها، والنّزيه من صدف عن باطلها، عالما بعظم عنائها، وموقنا بوشيك انقضائها، ومنقطعا عنها إلى ربّه، بخلوص من سريرته وقلبه، يسهر ليله اعتبارا، ويسكب دمعه حذارا، ويفني وقته استغفارا، قد أيقن بسرعة المنقلب، وتحقّق ألّا وزر ولا مهرب، فهو يرهب الفارط من الإجرام، ويفرق الواقع من الانتقام، فذلك المكتوب من الخائفين، وعسى أن يكون من المفلحين، والشقيّ من اغترّ بتعاليلها، واستمرّ في غيّها وأضاليلها، وصبا إلى خضراء دمنها، ولها عن طارق لأوائها ومحنها،

<<  <  ج: ص:  >  >>