على كلّ مراد، فقد أدّى الأمانة إلى متحمّلها، وسلّم الذخيرة الجليلة إلى متقبّلها، فحلّت من محلّ العزّ في وطنها، وأوت من حمى السّؤدد إلى مستقرّها وسكنها، منتقلة عن عطف الفضل والكمال، إلى كنف السعادة والإقبال، وصادرة عن أنبل ولادة ونسب، إلى أشرف اتّصال وأنبه سبب، وفي اليسير من لوازم فروضها وواجبات حقوقها، ما صان رعايتي عن الوصاة بها، ونزّه وفائي عن الاستزادة لها. وكيف يوصى الناظر بنوره؟ أم كيف يحضّ القلب على حفظ سروره؟ وإنّ سببا قرن بإحماد أمير المؤمنين ذكري، ووصل بحبل السيّد العمّ ركن الدولة حبلي، ومنح عزّ الدولة مكنون ودّي، واختصّ الإخوة من ولد أبيه السعيد- رحمه الله وأيّدهم- بوثيق عهدي، إلى أن صرت بفضل الجماعة قائلا، ودونها بالنّيّة والفعل مناضلا، وبمحاسنها المجموعة لي ناطقا، وبما لي عندها من المساهمة والمشاركة واثقا، لحقيق بالتباهي في الإعظام، وخليق بالمبالغة في الإيجاب والإكرام. والله تعالى يعين على ما أعتقده من ذلك وأنويه، ويوفّقني لما يوفي على المحبة والبغية فيه، بمنّه وقدرته، وحوله وقوّته.
[٧١٤]- ج- وإنما ألمّ الصابي في تسميته إياها بالوديعة بما كتبه جعفر بن ثوابة عن المعتضد إلى ابن طولون في ذكر ابنته قطر النّدى المنقولة إليه. وهو:
وأمّا الوديعة- أعزّك الله- فهي بمنزلة ما انتقل من شمالك إلى يمينك، عناية بها، وحياطة لها، ورعاية لولائك فيها.
فلما عرضه على الوزير أبي القاسم عبيد الله بن سليمان استحسنه جدا وقال له:
تسميتك إياها الوديعة نصف البلاغة، ووقّع له بالزيادة في إقطاعه ومشاهرته «١» .
[٧١٥]- من كتاب لأبي القاسم عبد العزيز بن يوسف الى اهل الشام: قد