حكيته من أحوال هذه الضّيعة، فأنفذ منه رجل مختار ثقة مأمون من أهل الخبرة بأمور السواد وأعمال الخراج، قد عرف أمير المؤمنين أمانته وديانته، وعلمه ومعرفته؛ وأمر بالمصير إلى هذه الناحية، وجمع أهلها من الأدلّاء والأكرة والمزارعين وثقات التّناء والمجاورين، والوقوف على هذه الأقرحة، وإيقاع المساحة عليها، وكشف أحوال عامرها وغامرها، والمسير على حدودها، وأخذ أقوالهم وآرائهم في وجه صلاح وعمارة كلّ قراح منها، وما يوجبه صواب التدبير فيما التمسته من المقاطعة بالمبلغ الذي بذلته، وذكرت أنّه زائد على الارتفاع، والكتاب بجميع ذلك إلى الديوان ليوقف عليه، ورسم ما يعمل عليه، وينهى إلى أمير المؤمنين فينظر فيه: فما صحّ عنده منه أمضاه، وما رأى الاستظهار على نظر النّاظر فيه استظهر فيما يرى منه، حتى يقف على حقيقته، ويرسم على ما يعمل عليه.
فذكر ذلك الناظر أنه وقف على هذه الضّيعة وعلى سائر أقرحتها وحدودها، وطافها «١» بمشهد من أهل الخبرة بأحوالها من ثقات الأدلّاء والمجاورين والأكرة والمزارعين والتّنّاء الذين يرجع إلى أقوالهم ويعمل عليها؛ فوجد مساحة بطون الأقرحة المزروعة من جميعها، دون سواقيها ومروزها «٢» وتلالها وجاريتها «٣» ومستنقعاتها، وما لا يعتمل «٤» من أراضيها، بالجريب الهاشمي الذي تمسح به الأرض في هذه الناحية كذا وكذا جريبا، منها [جميع] القراح المعروف بكذا وكذا، ومنها موضع الحصن والبيوت والساحات والراحات «٥» والبراحات والخرابات «٦» ، ووجد حالها في الخراب