ما لحق، إلا أني إلى الآن معذور أو معتذر، ومقصر أو مقتصر. ولئن كانت محامد الأستاذ مولاي تسابق يقين العارف، وتستغني عن لسان الواصف، إني قد خطبت في مجلس مولانا الأمير السيّد فخر الدولة فيها بخطب إن لم تفتتح بالتحميد فقد شحنت بالتعظيم، وإن لم تكن قرئت على درج المنابر، فقد تليت في أشرف المحاضر، وحقّقت عنده أنّ الأستاذ مولاي يرى الخدمتين خدمة واحدة، ويعدّ الغائبة شاهدة، واعتدّ لذلك أشدّ اعتداد، فأسلف عنه أتمّ إحماد.
وقد نفذ إليه عن حضرته العالية ما ليس بغاية يوقف عندها، حتى تردف مع استقرار المخاطبات بما يجب بعدها، بمشيئة الله. وإذ قد جمعنا الله على ما جمع فالانقباض هجنة، والاحتشام وصمة. وكنت- أدام الله تأييد الأستاذ- وقد يسّر الله من سدّ الثّلمة ما استدعت النفوس أن ينسدّ، وسهّل من ارتداد الظلمة ما استبعدت العقول أن يرتد، آمل ظفرا بما لم أزل أنازع إليه، وأقارع الآمال عليه، من اعتزال الأشغال التي كان يحسن الانقطاع إليها، وفي الأيام بقية، والعمر في إقباله، والنشاط في استقباله، والشباب بحاله، والأشدّ على استقلاله؛ إلا أنّ مولانا الأمير خاطبني في هذا الباب بمخاطبات لم أستطع معها أن أبلغ ما أردت، وأيمّم إلى حيث قصدت، وأنتهي في التعظيم إلى ما لا يقسم للمشارك القسيم، فلم أطق شكر نعمته إلا بأن أتطوّق فرض خدمته، وأوردت هذا الفصل اعتذارا إلى الوفاء وأهله، من النظر بعد ما لا تؤرّخ السّير بمثله، وإنه كان الله قد أدال من القنوط اللازم بالإحسان الفائض، وانتضى للملك أكمل سائس وأشرف رائض. وقد خاطبت أبا العلاء في كلّ باب بما يؤدّى فيه حق المناب، وعلى ذكره فإني أرعى له حقوقه التي لديّ ووسائله إليّ أن أدّى إليّ عن الأستاذ مولاي ما كتب بالإخلاص على سواد القلب، وجعل المودة شريعة لا تعقب بالنسخ؛ فإن رأى مولاي الأستاذ أن يخاطبني بما يخاطب الموثوق به، المسكون إليه، المعتمد منه ما لا استظهار عليه، ويقرر عند مولانا الأمير صمصام الدّولة وشمس الملّة، أني وإن غبت فخادم متصرّف بإخلاص حاضر، وعبد قد ورثه