للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن اللّبون إذا ما لزّ في قرن ... لم يستطع صولة البزل القناعيس «١»

كيف لربيب بطائح وسباخ، وساكن صرائف وأكواخ، بين سواديّة أنباط، وعلوج أشراط، ورعاع أخلاط، وسفل سقّاط، في بلدة إن جاوزت سورها، وعبرت جسورها، صحت واغربتا! وإن رأيت وجها غريبا ناديت وا أبتاه، لا أعرف غير النبطية كلاما، ولا ألقى سوى والدي إماما، في معشر ما عرفوا الترحال، ولا ركبوا السروج والرّحال، ولا فارقوا الجدار والظلال والأطلال: [من الوافر]

أولئك معشر كبنات نعش ... خوالف لا تغور مع النجوم

بمصاولة رجل جوّال، رحّال حلّال، بهيت وضع، وبالكوفة أرضع، وببغداد أثغر، وبواسط أجفر، وبالحجاز وتهامة فطامه، وبمصر والمغرب كان احتلامه، وبنجد والشآم بقل عارضه، واشتدت عوارضه، وباليمن وعمان قويت نواهضه، وبخراسان بلغ أشدّه، وببخارى وسمرقند تناهى جدّه، وبغزنة والهند شاب واكتهل، ومن سيحون وجيحون علّ ونهل، وبميسان والبصرة عوّد وقرح، وبالجبال جله وجلح، فهو يعدّ المازني إمامه، وابن جنّي غلامه، والمتنبي من رواته، والمعريّ حامل دواته، والصابي باري قلمه، والصاحب رافع علمه، وبني مقلة ناقلي غاشيته، وبني أبي حفصة بعض حاشيته، وقد قرأ الكتب وتلاها، وحفظ العلوم ورواها، ودرس الآداب ووعاها، ودوّن الدواوين وألّفها، وأنشأ الحكم وصنّفها، وفصّل المشكلات وشرحها، وارتجل الخطب ونقّحها، فهو البحر المورود، والإمام المقصود، والعلم المصمود، هذا بون بعيد، ومرتقى شديد: [من المتقارب]

أتلقون بالأعزل الرامحا ... وبالأكشف الحاسر الدارعا

<<  <  ج: ص:  >  >>