لقيت «١» أبا زيد السروجي ملتفا بكساء ومحتفّا بنساء، فسألته عن خطبه، وأين «٢» يسرب مع سربه. فأومأ إلى امرأة منهنّ باهرة «٣» السّفور، ظاهرة النفور، وقال:
تزوجت هذه لتؤنسني في الغربة، وترحض «٤» عني قشف «٥» العزبة، فلقيت منها عرق القربة «٦» ، تمطلني بحقّي وتكلفني فوق طوقي، فأنا منها نضو وجى «٧» ، وحلف شجو وشجى، وها نحن قد تساعينا إلى الحاكم ليضرب على يد الظالم، فإن انتظم بيننا الوفاق، وإلّا فالطّلاق والانطلاق.
قال: فملت إلى أن أخبر لمن الغلب، وكيف يكون المنقلب، فجعلت شغلي دبر أذني «٨» ، وصحبتهما وإن كنت لا أغني «٩» .
فلما حضرا القاضي، وكان ممّن يرى فضل الإمساك «١٠» ، ويضنّ بنفاثة السواك، جثا أبو زيد بين يديه وقال: أيّد الله القاضي وأحسن إليه، إنّ مطيتي هذه أبيّة القياد، كثيرة الشراد؛ مع أنّي أطوع لها من بنانها، وأجنى عليها من جنانها، فقال لها القاضي: ويحك! أما علمت أنّ النشوز يغضب الربّ، ويوجب الضرب؟ فقالت: إنّه ممن يدور خلف الدّار، ويأخذ الجار بالجار «١١» .