فقال له القاضي: تبا لك أتبذر في السباخ، وتستفرخ حيث لا إفراخ «١» ؟ اغرب عني، لا نعم عوفك «٢» ، ولا أمن خوفك. فقال له أبو زيد: إنّها- ومرسل الرياح- لأكذب من سجاح، فقالت: كلّا هو- ومن طوّق الحمامة وجنح النعامة- لأكذب من أبي ثمامة «٣» حين مخرق باليمامة.
فزفر أبو زيد زفير الشّواظ، واستشاط استشاطة المغتاظ، وقال لها: ويلك يا دفار يا فجار، يا غصّة البعل والجار، أتعمدين في الخلوة لتعذيبي، وتبدين في الحفلة تكذيبي؟ وقد علمت أني حين بنيت عليك ودنوت «٤» إليك، ألفيتك أقبح من قردة، وأيبس من قدّة «٥» ، وأخشن من ليفة، وأنتن من جيفة، وأثقل من هيضة «٦» ، واقذر من حيضة، وأبرز من قشرة، وأبرد من قرة، وأحمق من رجلة «٧» وأوسع من دجلة، فسترت عوارك ولم أبد عارك، على أنه لو حبتك شيرين بجمالها، وزبيدة بمالها، وبلقيس بعرشها، وبوران بفرشها، والزباء بملكها، ورابعة بنسكها، وخندف «٨» بفخرها، والخنساء بشعرها في صخرها، لأنفت أن تكوني قعيدة رحلي وطروقة فحلي.
قال: فتذمرت المرأة وتنمرت، وحسرت عن ساعديها وشمّرت، وقالت:
يا ألأم من مادر، وأشأم من قاشر «٩» ، وأجبن من صافر، وأطيش من طامر «١٠» ، أترميني بشنارك، وتفري عرضي بشفارك؟ وأنت تعلم أنك أحقر من قلامة،