للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: خير يا أمير المؤمنين في أول وصل الرحم وأحسن الكلام، فلا تسأل عن شكر وحسن ثناء، ثم غضب على الناس وغضبوا عليه، وكنّا منهم، فإما ظالمون فنستغفر الله، وإما مظلومين فيغفر الله له، وخذ في غير هذا يا أمير المؤمنين فإن الحديث ينسي القديم. قال: ولم؟ فو الله لقد أحسن السيرة وبسط الخير وكفّ الشرّ، قال: فأنت أقدر على ذلك منه يا أمير المؤمنين، فافعل، قال: اسكت لا سكتّ. فسكت وسكت القوم، ثم قال له معاوية: ما لك لا تتحدث؟ قال:

نهيتني عما أحبّ فسكتّ عما أكره.

«٧٩٦» - قال معاوية للأحنف حين وبّخه بتخذيله عن عائشة ومشهده صفّين: فعلت وفعلت. فقال: يا أمير المؤمنين لم تردّ الأمور على أعقابها؟ أما والله إنّ القلوب التي أبغضناك بها بين جوانحنا، وإنّ السيوف التي قاتلناك بها لعلى عواتقنا، ولئن مددت يدا بشرّ من غدر لنمدّن باعا من ختر، وإن شئت لتستصفينّ كدر قلوبنا بصفو حلمك، قال: فإني بها أفعل.

«٧٩٧» - روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قدم إلى الشام ومعه عبد الرحمن بن عوف رحمه الله وهما على حمارين قريبين من الأرض، فتلقاهما معاوية في كبكبة حسناء، فثنى وركه فنزل وسلّم عليه بالخلافة فلم يردّ عليه، فقال له عبد الرحمن أو أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين أحصرت الفتى فلو كلّمته، فقال: إنك لصاحب الجيش الذي أرى؟ قال: نعم، قال: مع شدّة احتجابك ووقوف ذوي الحوائج ببابك؟ قال: أجل، قال: ولم ويلك؟ قال: لأنّا في بلاد يكثر فيها جواسيس العدوّ، فإن نحن لم نتّخذ العدّة والعدد استخفّ بنا، وهجم على عوراتنا، وأنا- بعد- عاملك، فإن وقفتني وقفت، وإن استزدتني زدت، وإن استنقصتني نقصت؛ قال: فو الله لئن كنت كاذبا إنه لرأي أريب، وإن كنت

<<  <  ج: ص:  >  >>