وقلت: إني كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع، ولعمر الله، لقد أردت أن تذمّ فمدحت، وأن تفضح فافتضحت، وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكا في دينه، ولا مرتابا بيقينه [١] ، وهذه حجّتي إلى غيرك قصدها، ولكني أطلقت لك منها بقدر ما سنح من ذكرها.
ثم ذكرت ما كان من أمري وأمر عثمان: ولك أن تجاب عن هذه لرحمه منك: فأينا كان أعدى له وأهدى إلى مقالته؟ أمن بذل له نصرته فاستقعده واستكفّه؟ أم من استنصره فتراخى عنه وبثّ المنون إليه، حتى أتى قدره عليه؟
كلّا والله. لقد علم الله المعوّقين منكم والقائلين لإخوانهم هلمّ إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا، وما كنت أعتذر من أنّي كنت أنقم عليه أحداثا، فإن كان الذنب إليه إرشادي وهدايتي له، فربّ ملوم لا ذنب له.
وذكرت أنه ليس لي عندك ولأصحابي إلا السيف: فلقد أضحكت بعد استعبار: متى ألفيت بنو عبد المطلب عن الأعداء ناكبين، وبالسيوف مخوّفين؟
فالبث قليلا يلحق الهيجا حمل، فسيطلبك من تطلب، ويقرب منك ما تستبعد، وأنا مرقل نحوك في جحفل من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، شديد زحامهم، ساطع قتامهم، متسربلين سرابيل الموت، أحبّ اللقاء إليهم لقاء ربّهم، قد صحبتهم ذرّية بدرية، وسيوف هاشمية، قد عرفت مواقع نصالها في أخيك وخالك وجدّك وأهلك، وما هي من الظالمين ببعيد.
٧٩٥- كان قبيصة بن جابر ممن كثّر على الوليد بن عقبة لما ولي الكوفة، فقال معاوية يوما والوليد وقبيصة عنده: يا قبيصة، ما كان شأنك وشأن الوليد؟