للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذهّاب في التيه، روّاغ عن القصد. ألا ترى غير مخبر لك، لكن بنعمة الله أحدّث:

أن قوما استشهدوا في سبيل الله من المهاجرين، ولكلّ فضل، حتى إذا استشهد شهيدنا قيل سيّد الشهداء، وخصّه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسبعين تكبيرة حين صلّى [١] عليه؟ أو لا [٢] ترى أن قوما قطعت أيديهم في سبيل الله، ولكلّ فضل، حتى إذا فعل بواحد منّا كما فعل بواحدهم قيل: الطيّار في الجنة وذو الجناحين؟ ولولا ما نهى الله عزّ وجلّ عن تزكية المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمّة تعرفها قلوب المؤمنين ولا تمجّها آذان السامعين. فدع عنك من مالت به الرّيبة [٣] فإنّا صنائع ربّنا، والناس بعد صنائع لنا، لم يمنعنا قديم عزّنا وعاديّ طولنا على قومنا [٤] أن خلطناهم بأنفسنا فنكحنا وأنكحنا، فعل الأكفاء، ولستم هناك، وأنّى يكون ذلك كذلك ومنّا النبيّ ومنكم المكذّب، ومنّا أسد الله ومنكم أسد الأحلاف، ومنا سيدا شباب أهل الجنة ومنكم صبية النار، ومنا خير نساء العالمين ومنكم حمّالة الحطب، في كثير مما لنا وعليكم؟

فإسلامنا ما قد سمع، وجاهليتنا لا تدفع، وكتاب الله يجمع لنا ما شذّ عنا، وقوله سبحانه: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ*

(الأنفال: ٧٥) وقوله تعالى: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ

(آل عمران: ٦٨) . فنحن مرّة أولى بالقرابة، وتارة أولى بالطاعة.

ولما احتجّ المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله صلّى الله عليه وسلم فلجوا عليهم، فإن يكن الفلج به فالحقّ لنا دونكم، وإن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم.

وزعمت أني لكلّ الخلفاء حسدت وعلى كلّهم بغيت: فإن يكن ذلك كذلك فليس الجناية عليك فيكون العذر إليك، وتلك شكاة ظاهر عنك عارها.


[١] م: عند صلاته.
[٢] م: ألا.
[٣] م: الرتبة.
[٤] م: قومك.

<<  <  ج: ص:  >  >>