للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النار، وأما استواؤنا في الحرب والرجال: فلست بأمضى على الشكّ منّي على اليقين، وليس أهل الشام بأحرص على الدنيا من أهل العراق على الآخرة، وأما قولك إنا بنو عبد مناف: فكذلك نحن، ولكن ليس أمية كهاشم، ولا حرب كعبد المطلب، ولا أبو سفيان كأبي طالب، ولا المهاجر كالطّليق، ولا الصريح كاللصيق، ولا المحقّ كالمبطل، ولا المؤمن كالمدغل، ولبئس الخلف خلف يتبع سلفا هوى في نار جهنّم، وفي أيدينا بعد فضل النبوّة التي [١] أذللنا بها العزيز، ونعشنا بها الذليل. ولما أدخل الله العرب في دينه أفواجا، وأسلمت له هذه الأمّة طوعا وكرها، كنتم ممن دخل في الدين إمّا رغبة وإما رهبة، على حين فاز أهل السّبق بسبقهم، وذهب المهاجرون الأوّلون بفضلهم، فلا تجعلنّ للشيطان فيك نصيبا وعليك [٢] سبيلا.

«٧٩٤» - وكتب إليه أيضا، وهو من محاسن الكتب، أخذ عليه فيه بالحجة ورماه بالمسكتة: أما بعد فقد أتاني كتابك تذكر فيه اصطفاء الله تعالى محمدا صلّى الله عليه وسلم لدينه، وتأييده إيّاه بمن أيّده الله به من أصحابه، فلقد خبأ لنا الدهر منك عجبا إذ طفقت تخبرنا بآلاء الله عندنا ونعمه علينا في نبيّنا، فكنت في ذلك كناقل التمر إلى هجر، أو داعي مسدّدة إلى النضال. وزعمت أنّ أفضل الناس في الإسلام فلان وفلانّ، فذكرت أمرا إن تمّ اعتزلك كلّه، وإن نقص لم يلحقك ثلمه، وما أنت والفاضل والمفضول، والسائس والمسوس، وما للطّلقاء وأبناء الطّلقاء والتمييز بين المهاجرين الأولين وترتيب درجاتهم، وتعريف طبقاتهم؟ هيهات لقد حنّ قدح ليس منها، وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها. ألا تربع على ظلعك، وتعرف قصور ذرعك، وتتأخّر حيث أخرّك القدر؟! فما عليك غلبة المغلوب، ولا لك ظفر الظافر، وإنك


[١] ر: الذي.
[٢] م: وعلى نفسك.

<<  <  ج: ص:  >  >>