طالب عليه السّلام لما قرب منها ليعلم لهم حقيقة حاله ورأيه في أهل الجمل، فبيّن له من أمرهم ما علم أنّه على الحقّ، ثم قال له: تبايع؟ قال: إني رسول قوم، ولا أحدث حدثا حتى أرجع إليهم، فقال له: أرأيت لو أنّ الذين وراءك بعثوك رائدا لهم تبتغي مساقط الغيث فرجعت إليهم فأخبرتهم عن الكلأ والماء، فخالفوا إلى المعاطش والمجادب، ما كنت صانعا؟ قال: كنت تاركهم ومخالفهم إلى الكلأ والماء، فقال له: فامدد إذن يدك، فقال الجرميّ: فوالله ما استطعت أن أمتنع عند قيام الحجة عليّ، فبايعته.
«٧٩١» - قال بعض اليهود لعليّ عليه السّلام: ما دفنتم نبيّكم حتى اختلفتم، فقال له: إنما اختلفنا عنه لا فيه، ولكنكم ما جفّت أرجلكم من البحر حتى قلتم لنبيّكم: اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ، قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ
(الأعراف: ١٣٨) .
«٧٩٢» - قال معاوية لأبي الأسود: بلغني أنّ عليا أراد أن يدخلك في الحكومة، فعزمت عليك أيّ شيء كنت تصنع؟ قال: كنت آتي المدينة فأجمع ألفا من المهاجرين وألفا من الأنصار، فإن لم أجدهم تمّمتهم من أبنائهم، ثم أستحلفهم بالله العظيم: المهاجرون أحقّ أم الطّلقاء؟ فتبسّم معاوية وقال: إذن والله ما كان اختلف عليك اثنان.
«٧٩٣» - كتب عليّ عليه السّلام إلى معاوية جوابا عن كتاب منه: وأمّا طلبك الشّام فإني لم أكن لأعطيك اليوم شيئا منعتكه أمس، وأما قولك: إنّ الحرب قد أكلت العرب إلّا حشاشات أنفس بقيت: ألا ومن أكله الحقّ فإلى