الشاعر، فقالت لبنات عمّ لها تنحّين حتى يدخل الرجل، فولجن البيت، وأذنت له فدخل، وتنحّت من بين يديه فرآها وقد ولّت، فقال لها: أنت قطام؟
فقالت: نعم قال: صاحبة عليّ بن أبي طالب عليه السّلام؟ قالت: صاحبة عبد الرحمن بن ملجم، قال: أليس فيك قتل عليّ بن أبي طالب؟ قالت: بل مات بأجله، قال: أم والله لقد كنت أحبّ أن أراك، فلما رأيتك نبت عيني عنك، فما احلوليت في صدري، قالت: والله إنك لقصير القامة، عظيم الهامة، قبيح المنظر، وإنك لكما قال الأول: تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه، فقال:
[من الطويل]
رأت رجلا أودى السّفار بوجهه ... فلم يبق إلا منظر وجناجن
فإن أك معروق العظام فإنّني ... إذا وزن الأقوام بالقوم وازن
وإني لما استودعتني من أمانة ... إذا ضاعت الأسرار للسرّ دافن
فقالت: أنت لله أبوك كثيّر عزّة؟ قال: نعم، فقالت: الحمد لله الذي قصّر بك فصرت لا تعرف إلا بامرأة، قال: ليس الأمر كذلك، والله لقد سار بها شعري، وطار بها ذكري، وقرب من الخليفة مجلسي، وإنّها لكما قلت:
[من الطويل]
فما روضة بالحزن طيّبة الثّرى ... يمجّ النّدى جثجاثها وعرارها
بأطيب من أردان عزّة موهنا ... وقد أوقدت بالمندل الرّطب نارها
فإن خفيت كانت لعينك قرّة ... وإن تبد يوما لم يغمّك عارها
فقالت: تا لله ما رأيت شاعرا قطّ أنقص عقلا ولا أضعف وصفا منك حيث تقول هذا، ألا قلت كما قال امرؤ القيس:[من الطويل]
ألم ترياني كلّما جئت طارقا ... وجدت بها طيبا وإن لم تطيّب