للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وراء حاجته، وليس له أن يكذب لأنه لا يقدر أحد على استكراهه على غير ما يريد، وليس له أن يبخل لأنه أقلّ الناس قدرا في خوف الفقر، وليس له أن يكون حقودا لأن خطره قد عظم عن مجازاة كلّ الناس، وليتّق أن يكون حلّافا، فأحقّ الناس باتقاء الأيمان الملوك، وإنما يحمل الرجل على الحلف إحدى خلال: إما مهانة يجدها في نفسه وضرع وحاجة إلى تصديق الناس إياه، وإما عيّ بالكلام حتى يجعل الأيمان لكلامه حشوا ولمنطقه وصلا، وإما تهمة قد عرفها من الناس لحديثه فهو ينزل نفسه بمنزلة من لا يقبل له قول إلا بعد جهد اليمين، وإما عبث في القول وإرسال اللسان على غير تروية ولا تقدير ولا حسن تعويد له، فيعوّد قول السداد والتثبيت. ليعلم الوالي أن الناس يصفون الولاة بسوء العهد ونسيان الودّ، فليكابد نقض قولهم، وليبطل عن نفسه وعن الولاة صفات السوء التي يوصفون بها. ليتفقد الوالي فيما يتفقد من أمور رعيته فاقة الأحرار والأخيار فليعمل في سدّها، وطغيان السّفلة منهم فليقمعه، وليستوحش من الكريم الجائع واللئيم الشعبان، فإنما يصول الكريم إذا جاع واللئيم إذا شبع. لا يحسن بالوالي أن يحسد من دونه، فأنه أقلّ عذرا في ذلك من السّوقة التي إنما تحسد من هو فوقها، وكلّ لا عذر له، لا يولعنّ الوالي بقول الناس في سوء الظن «١» ، وليجعل لحسن الظنّ من نفسه نصيبا موفورا، ويروّح به عن قلبه ويصدّر به أعماله. لا يضيعنّ الوالي التثبت عند قوله وفعله وعطائه، فإن الرجوع عن الصمت أحسن من الرجوع عن الكلام، وإن الإقدام على العمل بعد التأني فيه أحزم من الإمساك عنه بعد الإقدام عليه،


البلاغة؛ ولحكيم الهند في البصائر ١: ٤٧٧ ولاردشير في الامتاع ٣: ٤٠ ولا افلاطون في ابن هندو: ٩ وللاسكندر في كتاب الآداب: ١١ ولبزرجمهر في محاضرات الأبرار ٢: ٢٦١ ولعمرو ابن العاص في الجوهر النفيس: ٤٨ ب ولأردشير في البيان والتبيين ٣: ١٦٩ وبهجة المجالس ١:
٦٢٧ ودون نسبة فيه ١: ٣٣٦ ولكسرى في عيون الأخبار ١: ٢٣٨ والعقد ٢: ٣٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>