أدخلهم في قريش العازبة، وإنما سمّوا العازبة لأنهم عزبوا عن قومهم فنسبوا إلى أمهم ناجية. ولعل الزبير يقول ذلك على مذهبه في التعصّب ومخالفة أمير المؤمنين علي عليه السلام. وكان بنو ناجية ارتدوا عن الإسلام، فلما ولي علي عليه السلام الخلافة دعاهم إلى الإسلام فأسلم بعضهم وأقام الباقون على الرّدّة، فسباهم واسترقّهم، فاشتراهم مصقلة بن هبيرة الشيباني ثم أعتقهم وهرب من تحت ليلته إلى معاوية فصاروا أحرارا ولزمه الثمن. فشعث علي عليه السلام شيئا من داره، وقيل بل هدمها، فلم يدخل مصقلة الكوفة حتى قتل علي عليه السلام.
«١٣٤٧» - زعموا أنّ الخطيم بن عديّ الأوسي قتله رجل من بني عامر بن ربيعة ابن صعصعة يقال له مالك، وقتل عديّ بن عمرو أباه رجل من عبد القيس. فلما شبّ قيس بن الخطيم بن عديّ، رضمت أمّه حجارة كهيئة القبر وجعلت تقول:
هذا قبر أبيك وجدّك، مخافة أن يسمع بقتلهما فيطلب بدمائهما فيقتل، وكان قيس قويّا شديدا. وإنه نازع غلاما من قومه فقال له الغلام: أما والله لو ألقيت كرعك- يعني بدنك- وقوّتك على قاتل أبيك وجدّك لكان أولى بك. فرجع إلى أمّه فقال لها: أخبريني عن أبي وجدّي. قالت: يا بني ماتا في وجع البطن وهذان قبراهما، فأخذ سيفه فوضع ذبابه بين ثدييه فقال: والله لتخبريني خبرهما أو لأتحمّلنّ عليه حتى يخرج من ظهري؟ فقالت له: إنّ أباك قتله رجل من بني عامر، وإنّ جدّك قتله رجل من بني عبد القيس. فخرج بسيفه حتى أتى ناضحه وهو يسنو، فضرب رشاءه فهوى الغرب في البئر، واختطم البعير فأقبل به عليه فشدّ جهاره حتى وقف على نادي قومه فقال: أيكم يكفيني مؤونة هذه العجوز بفضل ثمرة مالي، فإن رجعت فمالي لي وإن هلكت فلها حتى تموت ثم المال له. فقال بعضهم: أنا، فدفعه إليه ثم سار، فقالت له أمه: يا بنيّ إن كنت لا بدّ فاعلا فأت خداش بن زهير فإنه قد كانت لأبيك عنده نعمة، فسله أن يقوم معك. فمضى حتى انتهى إلى مرّ الظهران، ثم سأل عن