للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مظلّة خداش بن زهير فأتاها، فسأل امرأته عنه، فقالت: ليس هو ها هنا، قال: فهل عندك من قرى؟ قالت: نعم، قال: فهلمّ. فأخرجت إليه قباع تمر فتناول تمرة فأكل نصفها وردّ نصفها في القباع، ثم تنحّى فنزل في ظلّ شجرة، فلم ينشب أن طلع خداش. فدخل على امرأته فأخبرته الخبر فقال: هذا رجل متحرّم. وركب قيس بعيره ثم أقبل حتى سلّم. فقال خداش: والله لكأنّ قدم هذا الفتى قدم الخطيم صديقي اليثربي. ودخل عليه قيس فانتسب له وأخبره ما الذي جاء به، فقال له: يا ابن أخي قاتل أبيك ابن عمي وإن أردت دفعه إليك لم أقدر مع قومي، ولكن سأجلس العشيّة إلى قاتل أبيك فأحدّثه وأضرب بيدي على فخذه، فإذا رأيت ذلك فشدّ عليه واقتله فإني سأمنعك. فلما كان العشاء جلس خداش بن زهير فصنع ذلك بالرجل، وأقبل قيس إليه فضربه بالسيف حتى قتله، ووثبوا إليه ليقتلوه فحال بينهم وبينه خداش وقال: إنما قتل قاتل أبيه. قال له: ما تريد يا ابن أخي؟ قال: الطلب بدم جدي، قال: فأنا معك. وركبا جميعا فسارا حتى أتيا البحرين، فلما دنوا من قاتل جدّه قال له خداش: إني سأكمن في هذه الدارة من الرمل، فاخرج حتى يأتي الرجل فقل له: إني أقبلت أريد بلادكم، فلما كنت بهذا الرمل برح بي لصّ فسلبني وأخذ متاعي، وقد جئتك لتركب معي لتستنقذ لي ذلك؛ فإن هو أمر ناسا بالركوب معك فاضحك، فإن سألك عن ضحكك فقل له: إنّ السيّد مثلك لا يفعل مثل فعلك، إنما يخرج وحده إذا استعين على شيء حتى يفرغ منه. فخرج قيس حتى أتاه، فأمر خداش، فأحمسه فدعا بفرسه فركب معه وحده حتى أتى خداشا، فنهض إليه خداش فقال: يا ابن أخي إن شئت كفيتكه، فقال قيس: لا بل دعني أنا وإياه فإن قتلني لا يفتك، ونازله قيس فطعنه بحربة معه فقتله. فقال له خداش: إنّا إن أخذنا الطريق طلبنا وظفر بنا، ولكن اكمن بنا في هذا الرمل حتى يهدأ الطلب عنا، فكمنا فيه وفقد القوم صاحبهم فخرجوا في طلبه فوجدوه قتيلا، فتفرّقوا في كل وجه فلم يظفروا بأحد، فرجعوا وانصرف خداش وقيس راجعين، حتى إذا بلغا مأمنهما أقبل

<<  <  ج: ص:  >  >>