«٩٦» - حدث عبيد الله بن سليمان بن وهب عن أبيه قال: كنت وأبا العباس أحمد ابن الخصيب مع خلق من العمّال والكتّاب معتقلين في يد محمد بن عبد الملك الزيات في آخر وزارته للواثق، نطالب ببقايا مصادرتنا، ونحن آيس ما كنا من الفرج، إذ اشتدت علّة الواثق وحجب الناس ستة أيام. فدخل عليه أبو عبد الله أحمد بن أبي داود القاضي، فقال له الواثق: يا أبا عبد الله، ذهبت مني الدنيا والآخرة، قال: كلا يا أمير المؤمنين، قال: بلى والله، أما الدنيا فقد ذهبت كما ترى من حضور الموت وذهبت الآخرة بما أسلفت من العمل القبيح، فهل عندك من دواء؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، قد عزل محمد بن عبد الملك الزيات من العمّال والكتّاب عالما وملأ بهم الحبوس، يصادرهم ولم يحصل من جهتهم على كثير شيء، وهم عدد كثير، ووراءهم ألف يد ترتفع بالدعاء إلى الله تعالى، فتأمر باطلاقهم لترتفع تلك الأيدي بالدعاء لك، فلعل الله سبحانه وتعالى يهب عافيتك، على كل حال فأنت محتاج إلى أن تقل خصومك. فقال: نعم ما أشرت به عليّ؛ وقال: وقع إليه عني باطلاقهم، فقال: إن رأى خطي عاند ولجّ ولكن يغتنم أمير المؤمنين المثوبة، ويتساند ويحمل نفسه، ويوقع بخطه. فوقع الواثق بخطه وهو مضطرب إلى ابن الزيات باطلاقهم وإطلاق من في الحبوس من غير استئمار ولا مراجعة. وتقدّم إلى ايتاخ أن يمضي بالتوقيع ولا يدعه يعمل شيئا أو يطلقهم وأن يحول بينه وبين الوصول إليه أو كتب رقعة واستئمار أو اشتغال بشغل إلا بعد إطلاقهم، وإن لقيه في الطريق أن ينزله عن دابّته ويجلسه على غاشيته في الطريق حتى يوقّع.
فتوجه إيتاخ فلقي ابن الزيات يريد دار الخليفة، فقال له: تنزل عن دابتك وتجلس على غاشيتك فارتاع، وظن أنّ الحال قد نزلت به، فنزل وجلس على غاشيته. فأوصل إليه التوقيع فامتنع، وقال: إذا أطلقت هؤلاء فمن أين أنفق الأموال وأقيم الأنزال؟ فقال: لا بد من ذلك. فقال: أركب وأستأذنه، فقال: