للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاقبلت أجسّ أعضائي شيئا شيئا فأجدها سالمة، وقمت وقعدت وحركت يديّ ورجليّ فوجدت ذلك سالما كله. فحمدت الله عزّ وجلّ على حالي [١] ، وأخذت صخرة لأكسر بها قيودي، فوجدت الحديد الذي في رجليّ قد صار كالزجاج لشدة البرد. قال: فضربته فانكسر، وقطعت تكتي، فشددت بعضها على القيد إلى ساقي وقمت أمشي في الثلج على المحجة، ثم خفت أن يروا أثري في غد في الثلج على المحجة فيتبعوني فلا أفوتهم، فعدلت عن المحجة إلى الخابور. فلما صرت على شاطئه نزلت في الماء إلى ركبتي، وأقبلت أمشي كذلك فرسخا أو أكثر حتى انقطع أثري؛ وربما حصلت في موضع لا يمكنني المشي لأنه يكون جرفا فأسبح، على ذلك أربعة فراسخ حتى حصلت في خيم فيها قوم، فأنكروني وهمّوا بي، فإذا هم أكراد؛ فقصصت عليهم قصتي، واستجرت بالله وبهم، فرحموني ودفأوني وغطّوني، وأوقدوا بين يديّ نارا، وأطعموني وستروني، وانتهى الطلب إليهم من غد فما أعطوهم خبري. فلما انقطع الطلب سيروني، فدخلت الموصل مستترا، وكان ابن حمدان بها إذ ذاك، فانحدرت إليه فأخبرته بخبري كله، فعصمني من زوجته وأحسن إليّ وصرفني.

«٩٨» - أخذ الحجاج رجلا أتهمه برأي الخوارج وكتب إسمه في أسماء من يقتل.

فجاءت أمه فوقفت عليه وقالت: أصلح الله الأمير! امنن عليّ بابني فلان، فإنه والله لضهياء دبّاء. فقال الحجاج لجلسائه: أتدرون ما قالت؟ قالوا: لا والله، قال:

الضهياء التي لا تحيض والدّباء التي لا تلد، خلوا سبيل ابنها. فدفعه إليها وقال: خذ بيدها، لعنك الله إن لم تبرّها.

وأتي بأسرى فأمر بضرب رقابهم، فقال رجل منهم: لا جزاك الله يا حجاج


[١] م: سلامتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>