للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المكرمة العظيمة في أعناقنا.

«٩٧» - وحدث جماعة من أهل الموصل: أن فاطمة بنت أحمد الهزارمردي الكردي زوجة أبي ثعلب ابن حمدان اتهمت غلاما لها يقال له ابن أبي قبيصة من الموصل بجناية من مالها، فقبضت عليه وحبسته في قلعتها ثم رأت أن تقتله، وكتبت إلى الموكّل بالقلعة بقتله. فورد عليه الكتاب، وكان أميا وليس عنده من يقرأ ويكتب إلا ابن أبي قبيصة، فدفع الكتاب إليه، وقال له: اقرأه. فلما رأى الأمر فيه بقتله قرأ الكتاب بأسره إلى الموضع الذي أمر فيه بقتله، وردّ الكتاب عليه. قال ابن أبي قبيصة: ففكرت وقلت: أنا مقتول على كل حال إن أقمت، فلا بد أن يرد كتاب آخر في معناي، ويتفق حضور من يقرأه فينفذ فيّ الأمر، فسبيلي أن أحتال فيه بحيلة، إن تمّت سلمت وإن لم تتم فليس غير القتل، ولا يلحقني أكثر منه، وأنا حاصل فيه، فتأملت القلعة فإذا فيها موضع يمكنني أن أطرح منه نفسي إلى أسفلها، وإلا أنّ بينه وبين الأرض ثلاثة آلاف ذراع، وفيه صخر لا يجوز أن يسلّم من يقع عليه من بعد. قال: فلم أجسر؛ ثم ولّد لي الفكر أن تأملت الثلج وقد سقط عدة ليال فغطى تلك الصخور، وصار فوقها أمر عظيم، يجوز أن أسقط عليه وكان في أجلي تأخير ان أسلّم؛ وكنت مقيدا، فقمت لما نام الناس وطرحت نفسي من الموضع قائما على رجليّ؛ فحين حصلت في الهواء ندمت وأقبلت أستغفر الله وأتشهد، وأغمضت عينيّ حتى لا أرى كيف أموت، وجمعت رجليّ بعض الجمع لأني كنت سمعت قديما أن من اتفق عليه أن يسقط من موضع عال إذا جمع رجليه ثم أرسلهما إذا بقي بينه وبين الأرض ذراع أو أكثر قليلا أنه يسلّم من أن يناله ما ينال مثله، وتنكسر حدة الوقوع، ويصير بمنزلة من سقط من ذراعين. قال: ففعلت ذلك، فلما سقطت إلى الأرض ذهب علي أمري وزال عقلي، ثم ثاب إليّ عقلي، فلم أجد ما كان ينبغي أن يلحقني،

<<  <  ج: ص:  >  >>