وحامّتك قطيعة، ولا يطمعنّ منك في اعتقاد عقدة تضرّ بمن يليها من الناس في شرب أو عمل مشترك يحملون مؤونته على غيرهم فيكون مهنأ ذلك لهم دونك وعيبه عليك في الدنيا والآخرة.
وألزم الحقّ من لزمه من القريب والبعيد، وكن في ذلك صابرا محتسبا واقعا ذلك من قرابتك وخواصك حيث وقع، وابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه، فإن مغبّة ذلك محمودة.
وإن ظنّت الرعية بك حيفا فأصحر لهم بعذرك، واعدل عنك ظنونك باصحارك فإن في ذلك [رياضة منك لنفسك ورفقا برعيتك و]«١» إعذارا تبلغ به حاجتك من تقويمهم على الحقّ.
ولا تدفعنّ صلحا دعاك إليه عدوك، لله فيه رضى، فإن في الصلح دعة لجنودك، وراحة لهمومك، وأمنا لبلادك، ولكن أحذر كل الحذر من عدوّك بعد صلحه، فإن العدو ربما قارب ليتغفّل، فخذ بالحزم، واتّهم في ذلك حسن الظنّ. وإن عقدت بينك وبين عدوك عقدة أو ألبسته منك ذمّة فحط عهدك بالوفاء، وارع ذمّتك بالأمانة، واجعل نفسك جنّة دون ما أعطيت، فإنه ليس من فرائض الله شيء الناس أشدّ عليه اجتماعا مع تفرّق أهوائهم وتشتيت آرائهم من تعظيم الوفاء بالعهود، وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين لما استوبلوا من عواقب الغدر، فلا تغدرنّ بذمّتك، ولا تخيسنّ بعهدك، ولا تختلنّ عدوّك، فإنه لا يجترىء على الله إلا جاهل شقيّ. وقد جعل الله عهده وذمّته أمنا قضاه «٢» بين العباد برحمته، وحرما «٣» يسكنون إلى منعته، ويستفيضون إلى جواره، فلا إدغال ولا مخالسة ولا خداع فيه، ولا تعقد عقدا تجوز فيه العلل، ولا تعوّلنّ على لحن قول بعد التأكيد والتوثقة،